للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

خطبة رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلّم

يا معشر الأنصار! مقالة بلغتني عنكم؟ وجدة [ (١) ] وجدتموها في أنفسكم، ألم آتكم ضلّالا فهداكم اللَّه؟ وعالة فأغناكم اللَّه، وأعداء فألف اللَّه بين قلوبكم؟ قالوا:

بلى! اللَّه ورسوله أمنّ وأفضل! قال: ألا تجيبوني؟ قالوا: وماذا نجيبك يا رسول اللَّه؟ قال: أما واللَّه لو شئتم قلتم فصدقتم: آتيتنا مكذّبا فصدّقناك! ومخذولا فنصرناك، وطريدا فآويناك، وعائلا فآسيناك! [وخائفا فأمّناك] [ (٢) ] وجدتم في أنفسكم يا مشعر الأنصار في شيء من الدّنيا تألّفت به قوما أسلموا ووكلتكم إلى إسلامكم؟ ألا ترضون يا معشر الأنصار أن تذهب الناس [إلى رحالهم] [ (٢) ] بالشاء والبعير، وترجعون برسول اللَّه إلى رحالكم؟ والّذي نفسي بيده، لولا الهجرة لكنت امرأ من الأنصار، ولو سلك [ (٣) ] الناس شعبا وسلكت الأنصار شعبا، لسلكت شعب الأنصار. أكتب لكم بالبحرين كتابا من بعدي تكون لكم خاصة دون الناس؟ قالوا: وما حاجتنا بعدك يا رسول اللَّه؟ قال: إمّا لا فسترون بعدي أثره، فاصبروا حتى تلقوا اللَّه ورسوله، فإن موعدكم الحوض، وهو كما بين صنعاء وعمان، وآنيته أكثر من عدد النجوم. اللَّهمّ ارحم الأنصار وأبناء الأنصار [ (٤) ] !! فبكوا حتى أخضلوا لحاهم وقالوا: رضينا برسول اللَّه حظا وقسما. وانصرفوا [ (٥) ] .

[مقامة بالجعرانة]

وأقام عليه السلام بالجعرّانة ثلاث عشرة ليلة. وخرج ليلة الأربعاء لثنتي عشرة بقيت من ذي القعدة، وأحرم ولبّى حتى استلم الركن. وقيل: لما نظر إلى البيت قطع التلبية، وأناخ راحلته على باب بني شيبة، وطاف فرمل [ (٦) ] في الأشواط الثلاثة. ولما أكمل طوافه سعى بين الصفا والمروة على راحلته، ثم حلق رأسه عند المروة حلقه أبو هند عند بني بياضة، وقيل حلقه خراش بن أمية. ولم يسق هديا.

ثم عاد إلى الجعرّانة من ليلته، فكان كبائت بها.


[ (١) ] وجدة: من الموجدة وهي الغضب.
[ (٢) ] زيادة من كتب السيرة.
[ (٣) ] في (خ) «ولولا سلك» .
[ (٤) ] كذا في (ط) ، في (خ) ، و (الواقدي) ج ٣ ص ٩٥٨: (وأبناء أبناء الأنصار) .
[ (٥) ] راجع (صحيح البخاري) ج ٣ ص ٦٩، ٧٠، ٧١.
[ (٦) ] رمل: هرول.