المسألة الثانية: أزواجه صلى اللَّه عليه وسلّم أمهات المؤمنين
قال اللَّه تعالى: وَأَزْواجُهُ أُمَّهاتُهُمْ قال سعيد عن قتادة ليعظم بذلك حقهن، وفي قراءة أبى بن كعب بمصحفه: النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه أمهاتهم وهو أب لهم.
وقال ابن زيد: محرمات عليهم، وقال الشافعيّ في (المختصر) :
أمهاتهم في معنى دون معنى، وذلك أنه لا يحل نكاحهن بحال ولم تحرم بناته لو كن له لأنه صلى اللَّه عليه وسلّم زوج بناته وهن أخوات المؤمنين وذكر نحوه في (الأم) .
وقال القرطبي في (التفسير) : شرف اللَّه تعالى أزواج نبيه صلى اللَّه عليه وسلّم بأن جعلهن أمهات المؤمنين أي في وجوب التعظيم والمبرة والإجلال وحرمة النكاح على الرجال وحجبهن رضى اللَّه عنهن بخلاف الأمهات وقيل: لما كانت شفقتهن عليهم كشفقة الأمهات أنزلن منزلة الأمهات، وقد عد القضاعي هذه مما اختص به دون الأنبياء، وقد خولف في ذلك. وأزواجه أمهات المؤمنين سواء من ماتت تحته أو مات عنها وهي تحته.
وأعلم أن الأمومة ثلاثة أقسام مختلفة الأحكام: وهي أمومة الأولاد، ويثبت فيها جميع أحكام الأمومة، وأمومة أزواج النبي صلى اللَّه عليه وسلّم لا تثبت إلا تحريم النكاح، وأمومة الرضاع وهي متوسطة بينهما. فإذا تقرر هذا فهنا أمور قد اختلف فيها، وهي: هل يجوز النظر إليهن؟ فيه وجهان أحدهما: هن محرم لا يحرم النظر إليهن لتحريم نكاحهن، والثاني: إن النظر إليهن محرم لأن تحريم نكاحهن إنما كان حفظا لحق الرسول صلى اللَّه عليه وسلّم فيهن وكان من حفظ حقه تحريم النظر إليهن، ولأن عائشة كانت إذا أرادت دخول رجل عليها أمرت أختها أم كلثوم أن ترضعه ليصير ابن أخيها من الرضاعة فيصير محرما يستبيح النظر.
والمشهور المنع وبه جزم الرافعي، والأدلة على تحريم النظر إليهن كثيرة شهيرة منها قصة عائشة في أفلح أخى أبى القعيس جاء يستأذن عليها وهو عمها من الرضاعة بعد أن نزل الحجاب فأبت أن تأذن له فلما جاء رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلّم أخبرته بالذي صنعت فأمرنى أن على أنزله، لم يقل البخاري على وخرجاه من طرق.