للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المغيرة- واستاقوا العير- وكانت محملة خمرا وأدما وزبيبا- حتى قدموا على النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم. فقالت قريش: قد استحل محمد الشهر الحرام. فأوقف النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم العير فلم يأخذ منها شيئا، وحبس الأسيرين،

وقال لأصحابه: ما أمرتكم بالقتال في الشهر الحرام، فسقط [ (١) ] في أيديهم وظنوا أنهم قد هلكوا.

وبعثت قريش إلى النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم في فداء أصحابهم فقال: لن نفديهما حتى يقدم صاحبانا، يعني سعد بن أبي وقاص، وعتبة بن غزوان بن جابر بن وهب بن نسيب [ (٢) ] بن زيد بن مالك بن الحارث بن عوف [بن الحارث] بن مازن المازني، وكانا زميلين،

فضلّ ببجران [ (٣) ] (وهي ناحية معدن بني [ (٤) ] سليم) بعيرهما، فأقاما يومين يبغيانه فلم يشهدا نخلة.

ثم قدما المدينة ففادى رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم حينئذ الأسيرين بأربعين أوقية لكل واحد، وكان عبد اللَّه بن جحش قد قسم في رجوعه من نخلة أربعة أخماس ما غنم بين أصحابه، وعزل الخمس لرسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم.

[أول خمس وأول غنيمة وأول قتيل وأول أسير]

فكان أول خمس خمّس في الإسلام، وأول غنيمة، وأول قتيل وأول أسير كان في الإسلام ويقال: إن رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم وقف غنائم أهل نخلة حتى رجع من بدر فقسمها مع غنائم أهل بدر، وأعطى كل قوم حقهم [ (٥) ] .

وفي هذه الغزاة نزل قول اللَّه تعالى: يَسْئَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرامِ قِتالٍ فِيهِ قُلْ قِتالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَصَدٌّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرامِ وَإِخْراجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِنْدَ اللَّهِ وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ وَلا يَزالُونَ يُقاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطاعُوا وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كافِرٌ فَأُولئِكَ حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَأُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ [ (٦) ] .


[ (١) ] «سُقِطَ فِي أَيْدِيهِمْ» : ندموا على ما فعلوا «انظر الآية ١٤٩/ الأعراف» .
[ (٢) ] في (خ) «لسيب» .
[ (٣) ] في (خ) «بحران» .
[ (٤) ] في (خ) «ابن سليم» .
[ (٥) ] (ابن سعد) ج ٢ ص ١١.
[ (٦) ] الآية ٢١٧/ البقرة، وفي (خ) إلى قوله تعالى: قِتالٌ فِيهِ كَبِيرٌ.