للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال عند أم سليم [ (١) ] فعرق، فجاءت بقارورة فجعلت تسكب العرق فيها، فاستيقظ صلّى اللَّه عليه وسلّم فقال: يا أم سليم، ما هذا الّذي تصنعين؟ قالت: هذا عرقك نجعله في طيبنا وهو أطيب من الطيب.

وكان في صوته صوته صهل وفي عنقه سطع، إن سكت فعليه الوقار، وإن تكلم سماه وعلاه البهاء، أجمل الناس وأبهاه من بعيد، وأحلاه وأجمله من قريب، حلو المنطق خافض الطرف، نظره إلى الأرض أطول من نظره إلى السماء يسوق أصحابه، ويبدأ من لقيه بالسلام، أجود الناس كفّا، وأرحب الناس صدرا، وأصدق الناس لهجة، وأوفى [ (٢) ] الناس بعهده، وألينهم عريكة، وأكرمهم عشرة، من رآه بديهة هابه، ومن خالطه [معرفة أحبّه] .

يقول ناعته: لم أر قبله ولا بعده مثله صلّى اللَّه عليه وسلّم.

[فأما صفة رأسه المقدس]

فقد خرج أبو عيسى الترمذي من حديث جميع بن عمر العجليّ قال: حدثني رجل


[ () ] سواء البطن والصدر: معناه أن بطنه ضامر وصدره عريض، فلهذا ساوى بطنه صدره.
أنور المتجرّد: أي نير الجسد إذا تجرد من الثياب.
والنير: الأبيض المشرق.
مسيح القدمين: أي ليس بكثير اللحم فيهما وعلى ظاهرهما.
ذريع المشية: واسع المشية من غير أن يظهر منه استعجال.
المهين: الحقير.
يسوق أصحابه: يقدمهم بين يديه ومن ورائه.
لكل حال عنده عتاد: أي عدة، يعني أنه قد أعد للأمور أشكالها.
وقوله: يرد بالخاصّة على العامة: فيه ثلاثة أوجه:
أحدها: أنه كان يعتمد على أن الخاصة ترفع علومه وآدابه إلى العامة، ومعنى ذلك أن العامة كانت لا تصل إليه في هذا الوقت، فكانت الخاصة تخبر العامة بما سمعت منه، فكأنه أوصل الفوائد إلى العامة بالخاصة.
والثاني: أن المعني يجعل المجلس للعامة بعد الخاصة. فتنوب الباء عن (من) ، و (على) عن (إلى) .
والثالث: فيرد ذلك بدلا من الخاصة على العامة، فتفيد الباء معنى البدل.
[ (١) ] قال: من القيلولة وهي نوم الظهيرة.
[ (٢) ] في (خ) «وأوتا» .