وخرجت إلى الإداوة فشربت منها وأخذت النعلين فلبستهما، فكنت أسير الليل وأتوارى النهار حتى جئت المدينة فوجدت رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم في المسجد، فلما رآني قال: أفلح الوجه، قلت: أفلح وجهك يا رسول اللَّه! فوضعت رأسه بين يديه، وأخبرته خبري، فدفع إليّ عصا، فقال: تخصر بهذه في الجنة، فإن المتحضرين في الجنة قليل، فكانت عند عبد اللَّه بن أنيس حتى إذا حضره الموت أوصى أهله أن يدرجوها في كفنه، وكان قتله في المحرم على رأس أربعة وخمسين شهرا.
وأما إخباره صلّى اللَّه عليه وسلّم الحارث بن أبي ضرار بأمور فكانت كما أمره صلّى اللَّه عليه وسلّم
قال ابن إسحاق [ (١) ] : وحدثني محمد بن جعفر بن الزبير، عن عروة بن الزبير، عن عائشة، قالت: لم قسم رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم سبايا بني المصطلق وقعت جويرية بنت الحارث في السهم لثابت بن قيس بن الشماس، أو لابن عم له فكاتبته على نفسها، وكانت امرأة حلوة ملاحة، لا يراها أحد إلا أخذت بنفسه فأتت رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم تستعينه في كتابتها، قالت عائشة: فو اللَّه ما هو إلا أن رأيتها على باب حجرتي فكرهتها: وعرفت أنه سيرى منها صلّى اللَّه عليه وسلّم ما رأيت،
فدخلت عليه، فقالت: يا رسول اللَّه، أنا جويرية بنت الحارث بن أبي ضرار، سيد قومه وقد أصابني من البلاء، ما لم يخف عليك فوقعت في السهم لثابت بن قيس بن الشماس، أو لابن عم له، فكاتبته على نفسي فجئتك أستعينك على كتابتي، قال: فهل لك في خير من ذلك؟ قالت: وما هو يا رسول اللَّه؟ قال:
أقضى عنك كتابتك وأتزوجك، قالت: نعم يا رسول اللَّه، قال: قد فعلت.
قالت: وخرج الخبر إلى الناس أن رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم قد تزوج جويرية ابنة الحارث بن أبي ضرار، فقال الناس: أصهار رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم وأرسلوا ما