هاجر بعائشة أبواها، وتزوجها نبي اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم قبل مهاجره، بعد وفاة الصدّيقة خديجة بنت خويلد رضى اللَّه عنها، وذلك قبل الهجرة ببضعة عشر شهرا، وقيل بعامين، ودخل بها في شوال سنة اثنين، منصرفة صلّى اللَّه عليه وسلم من غزوة بدر، وهي ابنة تسع. روت عنه صلّى اللَّه عليه وسلم علما كثيرا طيبا مباركا فيه، وعن أبيها، وعن عمر وفاطمة، وسعد، وحمزة بن عمر الأسلمي، وجدامة بنت وهب، رضى اللَّه تعالي عن الجميع. وروى عنها خلق كثير. بلغ مسند عائشة (٢٢١٠) ألفين ومائتين وعشرة أحاديث، اتفق لها البخاري ومسلم على مائة وأربع وسبعين حديثا، وانفرد البخاري بأربعة وخمسين، وانفرد مسلم بتسعة وستين. وعائشة رضى اللَّه عنها ممن ولد في الإسلام، وهي أصغر من فاطمة بثماني سنين، وكانت تقول: لم أعقل أبويّ إلا وهما يدينان بالدين. وذكرت أنها لحقت بمكة سائس الفيل شيخا أعمى يستعطى. وكانت امرأة بيضاء جميلة، ومن ثمّ يقال لها: الحميراء، ولم يتزوج النبي صلّى اللَّه عليه وسلم بكرا غيرها، ولا أحبّ امرأة حبّها، ولا أعلم في أمة محمد صلّى اللَّه عليه وسلم، بل ولا في النساء مطلقا امرأة أعلم منها. وذهب بعض العلماء إلى أنها أفضل من أبيها، وهذا مردود، وقد جعل اللَّه لكل شيء قدرا، بل تشهد أنها زوجة نبينا صلّى اللَّه عليه وسلم في الدنيا والآخرة، فهو فوق ذلك مفخر، وإن كان للصديقة خديجة شأو لا يلحق. قال الحافظ الذهبي: وأنا واقف في أيتهما أفضل، نعم جزم بأفضلية خديجة عليها الأمور ليس هذا موضعها. هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة، قالت: قال رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم: أريتك في المنام ثلاث ليال، جاء بك الملك في سرقة من حرير فيقول: هذه امرأتك، فأكشف عن وجهك فإذا أنت فيه، فأقول: إن يك هذا من عند اللَّه يمضه. [والسّرقة بفتح السين والراء والقاف: هي القطعة] . أخرجه أحمد، والبخاري في مناقب الأنصار، باب تزويج النبي صلّى اللَّه عليه وسلم عائشة رضى اللَّه عنها، وفي النكاح، باب النظر إلى المرأة قبل التزويج، وفي التعبير، باب كشف المرأة في المنام، وباب ثياب الحرير في المنام، ومسلم في فضائل الصحابة، باب فضل عائشة من طرق عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة. وأخرج الترمذي من حديث عبد اللَّه بن عمرو بن علقمة المكيّ، عن ابن أبى حسين، عن ابن