أسلم- فيما ذكر الواقدي- قبل دخول رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم دار الأرقم، وكان هو وأخوه أبو أحمد عبد ابن جحش من المهاجرين الأولين، ممن هاجر الهجرتين، وأخوهما عبد اللَّه بن جحش تنصر بأرض الحبشة، ومات بها نصرانيا، وبانت منه امرأته أم حبيبة بنت أبى سفيان، فتزوجها النبي صلّى اللَّه عليه وسلم، وأختهم زينب بنت جحش، زوج النبي صلّى اللَّه عليه وسلم، وأم حبيبة وحمنة. وكان عبد اللَّه ممن هاجر إلي أرض الحبشة مع أخويه: أبى أحمد وعبيد اللَّه بن جحش، ثم هاجر إلى المدينة، وشهد بدرا، واستشهد يوم أحد، يعرف بالمجدّع في اللَّه، لأنه مثّل به يوم أحد وقطع أنفه. عن زياد بن علاقة، عن سعد بن أبى وقاص، أن رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم خطبهم وقال: لأبعثن عليكم رجلا ليس بخيركم، ولكنه أصبركم للجوع والعطش، فبعث عبد اللَّه بن جحش. وروى عاصم الأحول، عن الشعبي أنه قال: أول لواء عقده رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم فلعبد اللَّه بن جحش حليف لبني أمية. وقال ابن إسحاق: بل لواء عبيدة بن الحارث، وقال المدائني: بل لواء حمزة، وعبد اللَّه بن جحش هذا هو أول من سنّ الخمس من الغنيمة للنّبيّ صلّى اللَّه عليه وسلم من قبل أن يفرض اللَّه الخمس، فأنزل اللَّه تعالى بعد ذلك آية الخمس، فكان أول من خمّس في الإسلام، ثم أنزل اللَّه تعالى: وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ [الأنفال: ٤١] . وروى ابن وهب قال: أخبرنى أبو صخر عن ابن قسيط، عن إسحاق بن سعد بن أبى وقاص، عن أبيه، أن عبد اللَّه بن جحش قال له يوم أحد: ألا تأتى فندعوا اللَّه، فجلسوا في ناحية، فدعا سعد وقال: يا رب، إذا لقيت العدو غدا فلقني رجلا شديدا بأسه، شديدا حرده، أقاتله فيك، ويقاتلني، ثم ارزقنى عليه الظفر حتى أقتله وآخذ سلبه، فأمّن عبد اللَّه بن جحش، ثم قال: اللَّهمّ ارزقنى غدا رجلا شديدا بأسه، شديدا حرده، أقاتله فيك ويقاتلني فيقتلني، ثم يأخذنى فيجدع أنفى وأذنى، فإذا لقيتك قلت: يا عبد اللَّه، فيم جدع أنفك وأذنك؟ فأقول: فيك وفي رسولك، فتقول: صدقت. قال سعد: كانت دعوة عبد اللَّه بن جحش خيرا من دعوتي، لقد رأيته آخر النهار، وإن أذنه وأنفه معلقان جميعا في خيط. وذكر الزبير في (الموفقيات) : أن عبد اللَّه بن جحش انقطع سيفه يوم أحد، فأعطاه رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم عرجون نخلة، فصار في يده سيفا، يقال: إن قائمته منه، وكان يسمى العرجون، ولم يزل يتناول