للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

كان أبو بكر قد أعدّهما قبل ذلك، وأعد جهازه وجهاز رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم منتظرا متى يأذن اللَّه لرسوله في الخروج، وعلف ناقتيه أربعة أشهر، فركب رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم الجدعاء.

وروي في حديث مرسل أن النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم قال: مكثت مع صاحبي في الغار بضعة عشر يوما، ما لنا طعام إلا البرير (يعني الأراك) ،

وخرجا من الغار سحر ليلة الاثنين لأربع خلون من ربيع الأول، وقيل: أول يوم منه، وقيل: كانت هجرته في صفر، وسنه صلّى اللَّه عليه وسلّم ثلاث وخمسون سنة على الصحيح، وقيل: خمس وخمسون، وقيل: خمسون، ومعهما سفرة أتت بها أسماء ابنة أبي بكر. وكان خروجه من الغار في الصبح، فصلى عليه السلام بأصحابه جماعة، فكان صلّى اللَّه عليه وسلّم أول من (جمع بالمسلمين في صلاة الفجر) [ (١) ] وساروا وقد أردف أبو بكر رضي اللَّه عنه عامر بن فهيرة، وسار عبد اللَّه بن أريقط أمامهما على راحلته حتى قالوا يوم الثلاثاء بقديد، وذلك بعد العقبة بشهرين وليال. وقال الحاكم [ (٢) ] : بثلاثة أشهر أو قريبا منها، وقال الليث: حدثني عقيل عن ابن شهاب [ (٣) ] أنه قال: كان بين ليلة العقبة وبين مهاجرة رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم ثلاثة أشهر أو قريب منها. كانت بيعة الأنصار رسول اللَّه ليلة العقبة في ذي الحجة، وكان عمره لما هاجر ثلاث وخمسون سنة.

[خبر سراقة]

ولما مروا بحيّ مدلج بصر بهم سراقة بن مالك بن جعشم بن مالك بن عمرو ابن تيم بن مدلج [ (٤) ] ، فركب جواده ليأخذهم، حتى إذا قرب من رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم


[ (١) ] بياض في (خ) وما أثبتناه من (ط) .
[ (٢) ] المستدرك للحاكم ج ٢ ص ٦٢٥.
[ (٣) ] هو: ابن شهاب الزهري: عالم الحجاز والشام، مات سنة (١٢٣ هـ) (ط) ص ٤١.
[ (٤) ] في الإصابة ج ٤ ص ١٢٧: ابن مدلج، بن مرة، بن عبد مناة بن كنانة الكناني المدلجي: أسلم يوم الفتح، ومات في خلافة عثمان سنة أربع وعشرين وهو القائل مخاطبا لأبي جهل:
أبا حكم واللَّه لو كنت شاهدا ... لأمر جوادي إذ تسوخ قوائمه
علمت ولم تشكك بأن محمدا ... رسول ببرهان فمن ذا يقاومه
وذكر السهيليّ في الروض الأنف ج ٢ ص ٢٣٣ وابن كثير في البداية والنهاية ج ٣ ص ٢٢٨ البيتين السابقين بالزيادة الآتية بعدهما: