للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأما تغسيل الملائكة حنطلة بن أبي عامر رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه لما قتل بأحد وظهور الماء بقطر من رأسه تصديقا لإخبار رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم بذلك

فقال ابن إسحاق [ (١) ] : فحدثني يحيى بن عبد اللَّه، عن جده وقد التقى حنظلة بن أبي عامر الغسيل وأبو سفيان، فلما استعلاه حنظلة بن أبي عامر رآه شداد بن الأسود وهو ابن شعوب، وقد علا أبا سفيان فضربه شداد بالسيف حتى قتله،

فقال رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم: إن صاحبكم- يعني حنظلة- لتغسله الملائكة، فسألوا أهله ما شأنه؟ فسئلت صاحبته، فقالت: خرج وهو جنب سمع الهاتفة.

وذكر الواقدي [ (٢) ] في (مغازيه) قصة حنظلة قال: وكان حنظلة بن أبي عامر تزوج جميلة بنت عبد اللَّه بن أبي بن سلول، فأدخلت عليه في الليلة التي في صبحها قتال أحد، وكان قد استأذن رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم أن يبيت عندها فأذن له، فلما صلى الصبح غدا يريد رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم، ولزمته جميلة فعاد فكان معها، فأجنب منها ثم أراد الخروج، وقد أرسلت قبل ذلك إلى أربعة من قومها فأشهدتهم أنه قد دخل بها، فقيل لها بعد: لم أشهدت عليه؟ قالت: رأيت كان السماء فرجت فدخل فيها حنظلة ثم أطبقت، فقلت: هذه الشهادة! فأشهدت عليه أنه قد دخل بها، وتعلق بعبد اللَّه بن حنظلة، ثم تزوجها ثابت بن قيس بعد فولدت له محمد بن ثابت بن قيس.

وأخذ حنظلة بن أبي عامر سلاحه، فلحق برسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم بأحد وهو يسوي الصفوف، قال: فلما انكشف المشركون اعترض حنظلة بن أبي عامر لأبي سفيان بن حرب فضرب عرقوب فرسه فاكتسعت الفرس، ويقع أبو سفيان إلى الأرض! وحنظلة يريد ذبحه بالسيف، فأسمع الصوت رجالا لا يلتفتون إليه من الهزيمة، حتى عاينه الأسود بن شعوب، فحمل على حنظلة بالرمح فأنفذه،


[ (١) ] (السيرة النبويّة لابن هشام) : ٣/ ٢٢- ٢٣.
[ (٢) ] (مغازي الواقدي) : ١/ ٢٧٣- ٢٧٤.