واللَّه تعالى أعلم. قوله: «غطوا رءوسهم ولهم خنين» هو بالخاء المعجمة، هكذا هو في معظم النسخ، ولمعظم الرواة، ولبعضهم بالحاء المهملة، وممن ذكر الوجهين: القاضي، وصاحب التحرير) ، وآخرون. قالوا: ومعناه بالمعجمة صوت البكاء، وهو نوع من البكاء دون الانتحاب، قالوا: وأصل الحنين خروج الصوت من الأنف، كالحنين بالمهملة من الفم. وقال الخليل: هو صوت فيه غنة. وقال الأصمعي: إذا تردد بكاؤه، فصار في كونه عنه فهو حنين. وقال أبو زيد: الحنين مثل الخنين، وهو شديد البكاء (شرح النووي) . [ (١) ] هو خالد بن الوليد بن المغيرة بن عبد اللَّه بن عمر بن مخزوم بن يقظة بن كعب، سيف اللَّه تعالى، وفارس الإسلام، وليث المشاهد، والسيد الإمام، الأمير الكبير، قائد المجاهدين، أبو سليمان القرشي المخزومي المكيّ، وابن أخت أم المؤمنين ميمونة بنت الحارث. هاجر مسلما في صفر سنة ثمان، ثم سار غازيا، فشهد غزوة مؤتة، واستشهد أمراء رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم الثلاثة: مولاه زيد، وابن عمه جعفر ذو الجناحين، وابن رواحة، وبقي الجيش بلا أمير فتأمر عليهم في الحال خالد، وأخذ الراية وحمل على العدو، فكان النصر. وسماه النبي صلّى اللَّه عليه وسلم سيف اللَّه، فقال: «إن خالد سيف سله اللَّه على المشركين» ، وشهد الفتح وحنينا، وتأمر في أيام النبي صلّى اللَّه عليه وسلم. واحتبس أدراعه ولأمته في سبيل اللَّه، وحارب أهل الردة ومسيلمة الكذاب، وغزا العراق، واستظهر، ثم اخترق البرية السماوية، بحيث إنه قطع المفازة من حد العراق إلى أول الشام في خمس ليال في عسكر معه، وشهد حروب الشام، ولم يبق في جسده قيد شبر إلا وعليه طابع الشهداء، ومناقبه غزيرة، أمره الصديق على سائر أمراء الأجناد، حاصر دمشق فافتتحها هو وأبو عبيدة رضي اللَّه تبارك وتعالى عنهما. توفى رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه بحمص سنة إحدى وعشرين، ومشهده على باب حمص عليه جلالة، له أحاديث قليلة: وقال خليفة: ولى عمر أبا عبيدة على الشام، فاستعمل يزيد على فلسطين، وشرحبيل على الأردن، وخالد بن الوليد على دمشق، وحبيب بن مسلمة على حمص. وقال سحيم: مات بالمدينة، قلت: الصحيح موته بحمص، وله مشهد يزار، وله في (الصحيحين) حديثان، وفي (مسند بقي) واحد وسبعون. (تهذيب سير أعلام النبلاء) : ١/ ٤٠، ترجمة رقم (٨٤) .