للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الثالثة: في تسريه بالأمة الكتابية]

وفيه الخلاف المذكور قبله، وقال الرافعيّ: الأظهر هنا أجل، وبه أجاب الشيخ أبو حامد، وهو اختيار الماورديّ في ريحانة، ولا ينهض دليل ذلك عنه إلا التعقب والابتعاد [ (١) ] .

الرابعة: في تحريم نكاحه صلّى اللَّه عليه وسلّم الأمة المسلمة

اختلف أصحابنا في ذلك على وجهين:

أحدهما: عن أبي هريرة: لا يحرم عليه نكاحها كما في حق أبيه وأنه صلّى اللَّه عليه وسلّم أوسع نكاحا من أمته، وأصحهما، يحرم لأن جواز نكاح الأمة مشروط بخوف العنت، وكونه صلّى اللَّه عليه وسلّم معصوم ويفقد أن طول الحرة ونكاحه صلّى اللَّه عليه وسلّم غير مفتقر إلى المهر، ولأن من نكح أمة كان ولده رقيقا، ومنصبه صلّى اللَّه عليه وسلّم منزه عن ذلك


[ (١) ] قال الشافعيّ- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه-: لأنها داخلة في معنى من حرم من المشركات وغير حلال، منصوصة بالإحلال كما نص حرائر أهل الكتاب في النكاح، واللَّه- تعالى- إنما أحل نكاح إماء أهل الإسلام بمعنيين، وفي ذلك دلالة على تحريم من خالفهن من إماء المشركين، واللَّه أعلم، لأن الإسلام شرط ثالث.
وأخبرنا أبو منصور النصروي، حدثنا أحمد بن نجدة، حدثنا سعيد بن منصور، حدثنا سفيان عن ابن نجيح عن مجاهد، قال: لا يصلح نكاح إماء أهل الكتاب، لأن اللَّه تعالى يقول:
مِنْ فَتَياتِكُمُ الْمُؤْمِناتِ. وعن الحسن في قوله تعالى: وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا إلى قوله تعالى: مِنْ فَتَياتِكُمُ الْمُؤْمِناتِ قال: فلم يرخص لنا في إماء أهل الكتاب.
وعمن أدرك من فقهائهم الذين ينتهي إلى قولهم، منهم سعيد بن المسيب، وعروة بن الزبير، والقاسم بن محمد، وأبو بكر بن عبد الرحمن، وخارجة بن زيد، وعبيد اللَّه، وسليمان بن يسار، قال: وكانوا يقولون: لا يصلح للمسلم نكاح الأمة اليهودية ولا النصرانية، إنما أحل اللَّه المحصنات من الذين أوتوا الكتاب، وليست الأمة بمحصنة. (سنن البيهقيّ) :
٧/ ١٧٧، كتاب النكاح، باب لا يحل نكاح أمة كتابية لمسلم بحال.