التاسعة والتسعون من خصائصه صلّى اللَّه عليه وسلّم: مطابقة اسمه لمعناه، الّذي هو شيمه وأخلاقه صلّى اللَّه عليه وسلّم فكان اسمه يدل على مسماه، وكانت خلائقه إنما هي تفصيل جملة اسمه وشرح معناه
وذلك أن أشهر أسمائه صلّى اللَّه عليه وسلّم محمد، وهو اسم منقول من الحمد الّذي هو يتضمن الثناء على المحمود، ومحبته، وإجلاله، وتعظيمه، وبنى على زنة مفعّل مثل: معظم ومحبب ومسود ومبجل، فإن هذا البناء موضوع للتكثير، فمحمد هو الّذي كثر حمد الحامدين له مرة بعد أخرى.
ويقال: حمد فهو محمد كما يقال: علم فهو معلم، وهذا علم وصفة اجتمع فيه الأمران في حقه صلّى اللَّه عليه وسلّم وإن كان علما محضا في حق كثير ممن سمى به غيره، وهذا شأن أسماء الرب- تعالى- وأسماء كتابه العزيز، وأسماء نبيه الكريم، فإنّها أعلام دالة على معان، هي بها أوصاف فلا تضاد فيها العلمية الوصف، بخلاف غيرها من أسماء المخلوقين، فهو اللَّه الخالق البارئ المصور القهار، فهذه أسماء له- تعالى- هي دالة على معان، هي صفاته، وكذلك القرآن والفرقان والكتاب المبين، وغير ذلك من أسمائه.
وكذلك أسماء النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم محمد وأحمد والماحي وغيرها من أسمائه، وقد ذكر صلّى اللَّه عليه وسلّم منها عدة وبين ما خصه اللَّه- تعالى- من الفضل، وأشار إلى معانيها كما تقدم ذكره فيما مضى، ولو كانت أسماؤه صلّى اللَّه عليه وسلّم أعلاما محضا لم تدل على مدح، ولهذا قال حسان بن ثابت- رضى اللَّه تبارك وتعالى عنه:
وشق له من اسمه ليجله ... فذو العرش محمود وهذا محمد
فتسميته صلّى اللَّه عليه وسلّم بهذا الاسم اشتمل عليه من مسماه وهو الحمد، فإنه صلّى اللَّه عليه وسلّم محمود عند اللَّه، محمود عند ملائكته، محمود عند إخوانه من المرسلين، محمود عند أهل الأرض كلهم، وإن كفر به بعضهم فإن ما فيه من صفات الكمال محمودة عند كل عاقل، وإن كابر عقله جحودا وعنادا، أو جهلا باتصافه، ولو علم باتصافه صلّى اللَّه عليه وسلّم بها لحمده، فإنه يحمد من اتصف بصفات