للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فصل في ذكر شرب رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم ومشروباته

اعلم أن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم كان يستعذب له الماء، ويبرّد له، وشرب اللبن، وكان ينبذ له فيشربه، وشرب السويق، وكان يشربه مصّا، ولا يتنفس في الإناء، وشرب قائما وقاعدا، وشرب آخر أصحابه، وكان يؤثر من على يمينه بسؤره.

[وأما طلب الماء العذب]

فخرّج البخاري ومسلم من حديث يحيى بن يحيى قال: قرأت على مالك، عن إسحاق بن عبد اللَّه بن أبى طلحة، أنه سمع أنس بن مالك [رضى اللَّه عنه] يقول: كان أبو طلحة أكثر أنصارىّ المدينة مالا، وكان أحب أمواله إليه بيرحاء، وكانت مستقبلة المسجد، وكان رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم يدخلها ويشرب من ماء فيها طيب، قال أنس رضى اللَّه عنه: فيها نزلت هذه الآية: لَنْ تَنالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ، قام أبو طلحة رضى اللَّه عنه، إلى رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم فقال: يا رسول اللَّه! إن اللَّه عزّ وجل يقول: لَنْ تَنالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ [ (١) ] وإن أحب أموالى بيرحاء، وإنها صدقة أرجو برّها، وذخرها عند اللَّه، فضعها يا رسول اللَّه حيث شئت، فقال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم: بخ، ذلك مال رابح، ذلك مال رابح، قد سمعت ما قلت، وإني أرى أن تجعلها في الأقربين، قال أفعل يا رسول اللَّه، فقسمها أبو طلحة في أقاربه وبنى عمه. ذكره البخاري في كتاب الوكالة، وترجم عليه باب: إذا قال الرجل لوكيله: ضعه حيث أراك اللَّه، وقال الوكيل: قد سمعت ما قلت. وقال بعقبه: تابعه إسماعيل عن مالك، وقال روح عن مالك: مال


[ (١) ] آل عمران: ٩٢.