وأما إعلام اللَّه سبحانه وتعالى رسوله صلّى اللَّه عليه وسلّم بما رآه عيينة بن حصن في منامه وبالصياح الّذي أنفره إلى أهله
فقال الواقدي في (مغازيه) [ (١) ] : قالوا: وكان أبو شييم المزني- قد أسلم، فحسن إسلامه- يحدث بقول لما نفرنا أهلها بحيفاء مع عيينة، قدمنا عليهم وهم قارون هادئون لم يهجهم هائج، رجع بنا عيينة فلما كان دون خيبر بمكان يقال له الحطام عن عرّسنا من الليل ففزعنا.
فقال عيينة: أبشروا إني أرى الليلة في النوم، أني أعطيت ذا الرقيبة- جبلا بخيبر- قد واللَّه أخذت برقبة محمد.
قال: فلما قدمنا خيبر قدم عيينة، فوجد رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم قد فتح خيبر وغنمه اللَّه ما فيها، فقال عيينة: أعطنى يا محمد مما غنمت من حلفائي فإنّي انصرفت عن قتالك وخذلت حلفائي ولم أكثر عليك، ورجعت عنك بأربعة آلاف مقاتل، فقال رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم: كذبت، ولكن الصياح الّذي سمعت أنفرك إلى أهلك، قال: أجزني يا محمد، قال: لك ذو الرقيبة! قال عيينة: وما ذو الرقيبة؟ قال: الجبل الّذي رأيته في النوم، أنك أخذته.
فانصرف عيينة فجعل يتدسس إلى اليهود ويقول: ما رأيت كاليوم أمرا، واللَّه ما كنت أرى أحد يصيب محمدا غيركم، قلت: أهل الحصون والعدّة، والثروة، أعطيتم بأيديكم وأنتم في هذه الحصون المنيعة، وهذا الطعام الكثير ما يوجد له آكل، والماء الواتن، قالوا: قد أردنا الامتناع في قلعة الزبير، ولكن الدبول قطعت عنا، وكان الحر، فلم يكن لنا بقاء على العطش، قال: فقد وليتم من حصون الناعم منهزمين حتى صرتم إلى حصن قلعة الزبير، وجعل يسأل عمن قتل منهم فيخبر، قال: قتل واللَّه أهل الجد والجلد، لا نظام ليهود بالحجاز أبدا. ويسمع كلامه ثعلبة بن سلام بن أبي الحقيق وكانوا يقولون: إنه