للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فصل في ذكر نوم المرأة في المسجد ولبث المريض وغيره بمسجد رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلّم وضرب الخيمة ونحوها فيه على عهده صلى اللَّه عليه وسلّم

خرج البخاري [ (١) ] من حديث أبى أسامة، عن هشام عن أبيه، عن عائشة رضى اللَّه تبارك وتعالى عنها، أن وليدة كانت سوداء لحي من العرب فأعتقوها فكانت معهم. قالت: فخرجت صبية لهم عليها وشاح أحمر من سيور.

قالت: فوضعته- أو وقع منها- فمرت به حدياة وهو ملقى، فحسبته لحما فخطفته. قالت: فالتمسوه فلم يجدوه. قالت فاتهمونى به. قالت فطفقوا يفتشون حتى فتشوا قلبها. قالت: واللَّه إني لقائمة معهم إذ مرت الحدياة فألقته، قالت:


[ (١) ] (فتح الباري) : ١/ ٣٧، كتاب الصلاة، باب (٥٧) نوم المرأة في المسجد، حديث رقم (٤٣٩) قوله: (باب نوم المرأة في المسجد) أي إقامتها فيه.
قوله: (حدياة) بضم الحاء وفتح الدال المهملتين وتشديد الياء التحتانية تصغير حدأة بالهمز بوزن عتبة، ويجوز فتح أوله. وهي الطائر المعروف المأذون في قتله في الحل والحرم، والأصل في تصغيرها حدياة بسكون الياء وفتح الهمزة لكن سهلت الهمزة وأدغمت ثم أشبعت الفتحة فصارت ألفا، وتسمى أيضا الحدى بضم أوله وتشديد الدال مقصور، ويقال أيضا الحدو بكسر أوله وفتح الدال الخفيفة وسكون الواو وجمعها حدا كالمفرد بلا هاء، وربما قالوه بالمد.
قوله: (حتى فتشوا قبلها) كأنه من كلام عائشة، وإلا فمقتضى السياق أن تقول (قبلي) وكذا هو في رواية المصنف في أيام الجاهلية من رواية على بن مسهر عن هشام، فالظاهر أنه من كلام الوليدة. أوردته بلفظ الغيبة التفاتا أو تجريدا، وزاد فيه ثابت أيضا «قالت: فدعوت اللَّه أن يبرئنى فجاءت الحديا وهم ينظرون، وفي الحديث إباحة المبيت والمقيل في المسجد لمن لا مسكن له من المسلمين رجلا كان أو امرأة عند أمن الفتنة، وإباحة استظلاله فيه بالخيمة ونحوها، وفيه الخروج من البلد الّذي يحصل للمرأة فيه المحنة، ولعله يتحول إلى ما هو خير له كما وقع لهذه. وفيه فضل الهجرة من دار الكفر، وإجابة دعوة المظلوم ولو كان كافرا لأن في السياق أن إسلامها كان يعد قدموها بالمدينة. واللَّه أعلم.