للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأما وجوب اتباعه وامتثال سنته والاقتداء بهداه صلى اللَّه عليه وسلّم

فقد قال اللَّه تعالى: قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ [ (١) ] فوعد تعالى محبته ومغفرته [للذين] [ (٢) ] اتبعوا الرسول صلى اللَّه عليه وسلّم وآثروه على أهوائهم وما تجنح إليه نفوسهم، قال الحسن: إن أقواما قالوا: يا رسول اللَّه، إنا نحب اللَّه، فأنزل اللَّه سبحانه وتعالى: قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ الآية، وقيل إن كعب بن الأشرف وغيره قالوا: نحن أبناء اللَّه وأحباؤه، ونحن أشد حبا للَّه، فأنزل اللَّه: قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ الآية، وقال الزجاج: معناه إن كنتم تحبون اللَّه أن تقصدوا طاعته فافعلوا ما أمركم، إذ محبة العبد للَّه والرسول طاعته لهما ورضاه بما أمر، ومحبة اللَّه لهم عفوه عنهم وإنعامه عليهم برحمته، وقال تعالى: فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِماتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ [ (٣) ] ، فأمر تعالى الكافة بمتابعته صلى اللَّه عليه وسلّم، ووعدهم الاهتداء باتباعه لأنه اللَّه تعالى أرسله بالهدى ودين الحق ليزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة ويهديهم إلى صراط مستقيم.

وقال تعالى: فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيما شَجَرَ بَيْنَهُمْ الآية، أي ينقادون لحكمك، يقال: سلم واستسلم وامتثل إذا انقاد، فجعل تعالى صحة إيمان خليقته بانقيادهم له صلى اللَّه عليه وسلّم ورضائهم بحكمه وترك الاعتراض عليه. وقال سهل في قوله: صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ [ (٤) ] قال: بمتابعة السنة.

وخرج أبو داود من حديث ثور بن يزيد قال: حدثني خالد بن معدان قال:

حدثني عبد الرحمن بن عمرو السلمي وحجر بن حجر قالا: أتينا العرباض بن


[ (١) ] آل عمران: ٣١.
[ (٢) ] زيادة للسياق.
[ (٣) ] الأعراف: ١٥٨.
[ (٤) ] الفاتحة: ٧.