للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رجل فقال: يا رسول اللَّه إني أرى أن تعلو الوادي، فإنّي أرى ريحا قد هاجت من أعلى الوادي، وإني أراها بعثت بنصرك.

فقال صلّى اللَّه عليه وسلّم: قد صففت صفوفي ووضعت رايتي، فلا أغير ذلك. ثم دعا ربه تعالى

فنزل عليه: إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُرْدِفِينَ [ (١) ] يعني بعضهم على إثر بعض.

[خبر سواد بن غزية]

ولما عدل رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم الصفوف تقدم سواد بن غزية أمام الصف، فدفع النبيّ صلّى اللَّه عليه وسلّم في بطنه فقال: استو يا سواد، فقال: أوجعتني والّذي بعثك بالحق أقدني [ (٢) ] ، فكشف صلّى اللَّه عليه وسلّم عن بطنه وقال: استقد، فاعتنقه وقبّله. فقال:

ما حملك على ما صنعت؟ فقال: حضر من أمر اللَّه ما قد ترى، وخشيت القتل، فأردت أن أكون آخر عهدي [ (٣) ] بك [أن يمس جلدي جلدك] [ (٤) ] وأن أعتنقك، وكان صلّى اللَّه عليه وسلّم يسوّى الصفوف وكأنما يقوم بها القداح [ (٥) ] .

[الريح التي بعثت والملائكة]

وجاءت ريح شديدة، ثم هبت ريح أشد منها، ثم هبت ريح ثالثة أشد منهما:

فكانت الأولى جبريل عليه السلام في ألف مع رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم، والثانية ميكائيل عليه السلام في ألف عن ميمنته، والثالثة إسرافيل في ألف عن ميسرته. ويقال:

جاء جبريل في ألف من الملائكة في صور الرجال، وكان في خمسمائة من الملائكة في الميمنة، وميكائيل في خمسمائة من الميسرة، ووراءهم مدد من الملائكة لم يقاتلوا، وهم الآلاف المذكورون في سورة آل عمران [ (٦) ] ، وكان إسرافيل وسط الصف لا يقاتل كما يقاتل غيره من الملائكة. وكان الرجل يرى الملك على صورة رجل يعرفه،


[ (١) ] الآية ٩/ الأنفال.
[ (٢) ] أقدني: أعطني القود، وهو القصاص.
[ (٣) ] في (خ) «عهد» وما أثبتناه من (المغازي) ج ٣ ص ٢٧١.
[ (٤) ] في (تاريخ الطبري) ج ٢ ص ٤٤٧ «فأردت أن يكون آخر العهد بك أن يمس جلدي جلدك» ونحوه في (البداية والنهاية) ج ٣ ص ٢٧١.
[ (٥) ] القداح: جمع قدح.
[ (٦) ] الآيات من ١٢٣ إلى ١٢٧ آل عمران.