للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقالت فرقة: الأمر بالصلاة عليه أمر استحباب لا أمر وجوب، هذا قول ابن جريج وطائفة، وادعى أبو جعفر محمد بن جرير الطبري فيه الإجماع، وهذا على أصله، فإنه إذا رأى الأكثرين على قول جعل إجماعا يجب اتباعه، والمقدمتان باطلتان، واحتج القائلون بوجوب الصلاة عليه صلّى اللَّه عليه وسلّم بحجج:

[الأولى:]

ما

خرجه الحاكم [ (١) ] من حديث أبي هريرة- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه- عن النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم قال: رغم أنف رجل ذكرت عنده فلم يصل عليّ.

ورغم أنفه: دعاء عليه، وذم له.

[الثانية:]

قوله: من ذكرت عنده فلم يصل عليّ فمات فأبعده اللَّه، وله طرق عن أبي هريرة، وجابر بن سمرة، وكعب بن عجرة، ومالك بن الحويرث، وأنس بن مالك

وكل طريق منها جاءت مستقله، والحديث بهذه الطرق المتعددة يفيد الصحة.

[الثالثة:]

قوله: من ذكرت عنده فليصل عليّ فإنه من صلّى عليّ مرة صلّى اللَّه عليه عشرا.

لأمر ظاهر في الوجوب.

[الرابعة:]

قوله: إن البخيل من ذكرت عنده فلم يصل عليّ،

وقوله: إن أبخل الناس من ذكرت عنده فلم يصل على،

وقوله: بحسب المؤمن من البخل أن أذكر عنده فلا يصلي عليّ،

وقوله: كفى به شحا أن أذكر عند رجل فلا يصلي عليّ فإذا ثبت أنه بخيل،

ووجه الدلالة أن البخيل اسم ذمّ، وتارك المستحب لا يستحق اسم الذم، قال تعالى: إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتالٍ فَخُورٍ [ (٢) ] [وقال تعالى:] الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ [ (٣) ] فقرن تعالى البخل بالاختيال والفخر والأمر بالبخل، وذم على المجموع، فدل على أن البخل صفة ذم،

وقد قال النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم: وأي داء أدوى من البخل؟

والبخيل هو


[ (١) ] (المستدرك) : ١/ ٧٣٤، كتاب الدعاء والتكبير والتهليل والتسبيح والذكر، حديث رقم (٢٠١٦) ، وقال الحافظ الذهبي في (التلخيص) : صحيح.
[ (٢) ] لقمان: ١٨.
[ (٣) ] النساء: ٣٧.