للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[تاسع وخمسون: مسحه ضرع شاة أم معبد فدرّت باللبن]

وأما مسحه صلّى اللَّه عليه وسلم ضرع شاة أم معبد فدرت باللبن، بعد ما كانت في جهد لا تبض بقطرة، فخرجه الأئمة الحفاظ: خرجه الحرث بن أبي أسامة، وأبو بكر أحمد بن الحسين البيهقي، من حديث أبي أحمد بشر بن محمد السكري المزوي قال:

حدثنا عبد الملك بن وهب المذحجي، حدثنا الحرّ بن الصباح، عن أبي معبد الخزاعي [ (١) ] ، أن رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم خرج ليلة هاجر من مكة إلى المدينة هو وأبو بكر رضي اللَّه عنه وعامر بن فهيرة مولى أبي بكر، ودليلهم عبد اللَّه بن أريقط الليثي، فمروا بخيمتي أم معبد الخزاعية [ (١) ]- وكانت أم معبد امرأة برزة جلدة، تحتبي [ (٢) ] وتجلس بفناء الخيمة، فتطعم وتسقى- فسألوها: هل معها لحم أو لبن يشتروا منها؟

فلم يجدوا عندها شيئا من ذلك، فقالت: لو كان عندنا شيئا ما أعوزكم القرى، وإذا القوم مرملون مسنتون.

فنظر رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم فإذا شاة في كسر الخيمة، فقال: ما هذه الشاة يا أم معبد؟ فقالت شاة خلفها الجهد عن الغنم، قال: فهل بها من لبن؟ قالت: هي أجهد من ذاك، قال: تأذنين لي أن أحلبها؟ قالت: إن كان بها حلب فاحلبها، قال: فدعا رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم بالشاة فمسحها، وذكر اسم اللَّه ومسح ضرعها، وذكر اسم اللَّه ودعا بإناء لها يربض الرهط فتفاجت [ (٣) ] ودرّت واجترت، فحلب فيه


[ (١) ] أم معبد الخزاعية، هي عاتكة، بنت خالد بن منقذ بن ربيعة بن أصرم، وقيل: عاتكة بنت خالد ابن خليف، بن منقذ بن ربيعة، وهي أخت حبيش بن خالد الأشعر الخزاعي القديدي، وله صحبة ورواية، وهو راوي حديثها. وزوجها أبو معبد الخزاعي مختلف في اسمه، وتوفى في حياة رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم، وكان يسكن قديدا، وهي موضع قرب مكة، وفي (معجم ما استعجم) : ٣/ ١٠٥٤، أن هذه القرية سميت قديدا لتقدد السيول بها، وهي لخزاعة.
[ (٢) ] تحتبي: تجلس على أليتها، وتضم فخذيها إلى بطنها بذراعيها لتستند.
[ (٣) ] تفاجّت: فرّجت ما بين رجليها للحلب.