أن عند أبي حنيفة رحمه اللَّه أن التشهد ليس بفرض، وإذا جلس مقدار التشهد فقد تمت صلاته تشهد أو لم يتشهد، والحديث دليل على أن الصلاة لا تتم إلا بالتشهد فإن كان استدلالكم بأن علق التمام بالتشهد، فلا تصح الصلاة بعدمه صحيحا فهو حجة عليكم في قولكم بعدم وجوب التشهد.
لأنه علق به التمام، وبطل قولكم بنفي فريضة التشهد، وإن لم يكن الاستدلال به صحيحا بطلت معارضة أدلة الوجوب، وبطل قولكم بنفي الوجوب للصلاة على النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم، فعلى كلا التقديرين قولكم بطل، فإن قلتم: نحن نجيب عن هذا بأن قوله: فإن قلت هذا تمت صلاتك المراد به تمام الاستحباب وتمام الواجب قد نقضي بالجلوس. قيل لكم: هذا فاسد على قول من نفى وجوب الصلاة عليه، وعلى قول من أوجبها لأن من نفى وجوبها لا ينازع في أن تمام الاستحباب موقوف عليها فإن الصلاة لا تتم التمام المستحب إلا بها، ومن أوجبها يقول: لا تتم التمام الواجب إلا بها فعلى التقديرين لا يمكنكم الاستدلال بالحديث أصلا.
وأما قوله:
روى أبو داود والترمذي حديث عبد اللَّه بن عمرو، وفيه:
فإذا رفع رأسه من السجدة فقد مضت صلاته،
جوابه من وجوه:
[أحدها:]
أن الحديث معلول وبيان علته من وجوه.
[الثاني:]
أن الترمذي قال: ليس إسناده بالقوى وقد اضطربوا في إسناده.
[الثالث:]
أنه من رواية عبد الرحمن بن زياد بن أنعم الإفريقي وقد ضعفه غير واحد من الأئمة.
[الرابع:]
أنه من رواية بكر بن سواد عن عبد اللَّه بن عمرو ولم يلقه فهو منقطع
. الخامس:
أنه مضطرب الإسناد كما قال الترمذي.
[السادس:]
أنه مضطرب المتن، مرة يقول: إذا رفع رأسه من السجدة فقد مضت صلاته، ولفظ أبي داود والترمذي غير هذا، وهو إذا أحدث الرجل وقد جلس في آخر صلاته قبل أن يسلم فقد جازت صلاته، وهذا غير لفظ الطحاوي، ورواه الطحاوي أيضا بلفظ آخر فقال: إذا قضى الإمام صلاته فقعد