للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إبراهيم عليه السلام فشريعتنا، ولسنا نقول: أن اللَّه تعالى بعث محمدا صلّى اللَّه عليه وسلّم إلى الناس كافة بالشريعة التي بعث اللَّه تعالى بها إبراهيم إلى قومه خاصة دون سائر أهل عصره، وإنما لزمتنا لأن محمدا صلّى اللَّه عليه وسلّم بعث بها إلينا لا لأن إبراهيم بعث بها، قال تعالى: ثُمَّ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً [ (١) ] وقال تعالى: بَلْ مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً وَما كانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ. قال: تبلجت المسألة والحمد للَّه.

قال: ونسخ اللَّه تعالى عنا بعض شريعة إبراهيم عليه السلام كما نسخ عنا ما كان يلزمنا من شريعة محمد صلّى اللَّه عليه وسلّم، فمن ذلك ذبح الأولاد نسخ بقوله تعالى: وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ [ (٢) ] ، وبقوله تعالى: وَإِذَا الْمَوْؤُدَةُ سُئِلَتْ بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ [ (٣) ] ، وبقوله تعالى: قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ قَتَلُوا أَوْلادَهُمْ [ (٤) ] . ونسخ الاستغفار للمشركين بقوله تعالى: ما كانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ [ (٥) ] .

قال: وقد قال قوم: ماذا كانت شريعة النبي قبل أن ينبّأ؟ والجواب: أن يقال: في نفس سؤالكم جوابكم، وهو قولكم: قبل أن ينبّأ، وإذا لم يكن نبيا فلم يكن مكلفا شيئا من الشرائع التي لم يؤمر بها، ومن قبل أن يكون مأمورا بما لم يؤمر به، فصح يقينا أنه لم يكن ألزم شيئا من الشريعة حاشا التوحيد اللازم لقومه من عهد إبراهيم لولده ونسله حتى غيّره عمرو بن يحيي، وحاشا ما صانه اللَّه من الزنا وكشف العورة والكذب والظلم وسائر الفواحش التي سبق في علم اللَّه تعالى [أنه] [ (٦) ] سيحرمها عليه وعلى الناس.

ذكر ما ورد في أنه عقّ عن نفسه صلّى اللَّه عليه وسلّم

قال الجلال: أخبرني أبو المثنى العنبري أن أبا دواد حدثهم قال: سمعت أحمد يحدث بحديث الهيثم بن جميل عن عبد اللَّه بن المثنى عن ثمامة عن أنس أن النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم عق عن نفسه.


[ (١) ] النحل: ١٢٣.
[ (٢) ] الأنعام: ١٥١.، الإسراء: ٣١.
[ (٣) ] التكوير: ٩. وفي (خ) «وإذا المودة» .
[ (٤) ] الأنعام: ١٤٠.
[ (٥) ] التوبة: ١١٣. وفي (خ) «ما كان للنّبيّين» .
[ (٦) ] في (خ) «والتي» ولعل ما أثبتناه أجود للسياق.