للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قاعدا على وطئ فهو متكئ، ومعناه لا آكل أكل من يريد الاستكثار من الطعام ويقعد له متكئا بل أقعد مستوفزا [ (١) ] ، وآكل قليلا، فيكون الاتكاء على هذا التفسير التربع، ورجحه جماعة لما فيه من التجبّر والتعاظم، وأنكر ابن الجوزي هذا التفسير، وقال: المراد به المائل على جنب، فيكون الاتكاء على هذا التفسير الاضطجاع، وهو المتبادر إلى أفهام كثيرين، لما قد يحصل به من الأذى كما نهى عن الشرب قائما.

وقال القاضي عياض [ (٢) ] : وليس هو الميل على شق عند المحققين، واختيار ما فسره الخطابي وإليه ذهب ابن دحية أيضا فقال: الاتكاء في اللغة هو التمكن في الأكل.

الرابعة: تعليم الشّعر

قال اللَّه تعالى: وَما عَلَّمْناهُ الشِّعْرَ وَما يَنْبَغِي لَهُ [ (٣) ] يقول- تعالى-: وما علمنا محمدا الشعر وما ينبغي له أن يكون شاعرا، فجعل اللَّه- تعالى- ذلك علما من أعلام نبوة محمد صلّى اللَّه عليه وسلّم لئلا تدخل الشبهة على من أرسل إليهم، فيظن به أنه قوي على القرآن بما في طبعه من القوة على الشعر.

قال سعيد: عن قتادة، قيل لعائشة- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنها- هل كان رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم يتمثل بشيء من الشعر؟ قالت: كان أبغض الحديث إليه غير أنه كان يتمثل بيت أخي بني قيس فيجعل آخره أوله، وأوله آخره،

فقال أبو بكر- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه- إنه ليس هكذا، فقال نبي اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم إني واللَّه ما أنا بشاعر ولا ينبغي لي.


[ (١) ] (معالم السنن) : ٤/ ١٤١، شرح الحديث رقم (٣٧٦٩) باب ما جاء في الأكل متكئا من (سنن أبي داود) .
[ (٢) ] (الشفا) : ١/ ٥١، فصل وأما ما تدعو ضرورة الحياة إليه مما فصلناه ... إلخ.
[ (٣) ] ياسين: ٦٩.