للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

التحريم واجتناب رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم الشيء واختياره غيره، لا يدل على كونه محرما عنده.

وقال النووي [ (١) ] : والصحيح أنه كان مكروها في حقه صلّى اللَّه عليه وسلّم، لا حراما، وقال ابن شاهين: لم يكن محرما عليه وإنما هو أدب من الآداب.

والثاني: أنه كان حراما عليه وجزم به صاحب (التلخيص) لما فيه من الكبر والعجب، فعلى أنه ليس بحرام لا يبقى من باب الخصائص، فإنه يكره لغيره أيضا الأكل متكئا على كل من تفسيريه، وإذا تقرر ذلك فما المراد بالمتكئ؟ فيه خلاف، قال ابن سيده: توكأ على الشيء واتكأ تحمل واعتمد، والتكأة العصا يتكأ عليها في المشي، واتكأ الرجل جعل له متكأ، وضربه فاتكأه، ألقاه على جانبه الأيسر [ (٢) ] ، وفسر الخطّابيّ المتكئ هنا بالمتمكن في جلوسه من التربع، وشبهه المعتمد على الوطاء تحته، قال: وكل من استوى


[ (١) ] (روضة الطالبين) : ٥/ ٣٤٨- ٣٤٩، كتاب النكاح، باب في خصائص رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم في النكاح وغيره، وقال في هامشه: لم يبين المصنف المراد بالاتكاء، وعن الخطابي: المراد به الجالس المعتمد على وطاء تحته، وعن ابن الجوزي: أن المراد به المائل على جنب، وفسره القاضي عياض في (الشفاء) بما ذكره الخطّابيّ.
[ (٢) ] قال الزجاج: هو ما يتكأ عليه لطعام أو شراب أو حديث، وقال المفسرون في قوله- تعالى-:
وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً أي طعاما، وقيل للطعام متكأ لأن القوم إذا قعدوا على الطعام اتكئوا، وقد نهيت هذه الأمة عن ذلك،
قال النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم: آكل كما يأكل العبد، وفي الحديث: لا آكل متكئا.
المتكئ في العربية كل من استوى قاعدا، على وطاء متمكنا، والعامة لا تعرف المتكئ إلا من مال في قعوده معتمدا على أحد شقيه، والتاء فيه بدل من الواو، وأصله من الوكاء، وهو ما يشد به الكيس وغيره، كأنه أوكأ مقعدته وشدها بالقعود على الوطاء الّذي تحته.
قال ابن الأثير: ومعنى الحديث: أني إذا أكلت لم أقعد متمكنا فعل من يريد الاستكثار منه، ولكن آكل بلغة، فيكون قعودي له مستوفزا. قال: ومن حمل الاتكاء على الميل إلى أحد الشقين، تأوله على مذهب الطب، فإنه لا ينحدر في مجاري الطعام سهلا، ولا يسيغه هنيئا، وربما تأذى به. (لسان العرب) : ١/ ٢٠٠- ٢٠١ مختصرا.