ثم خرج رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم إلى غزاة بنى قينقاع من اليهود، في يوم السبت، النصف من شوال بعد البدر، فحصرهم إلى هلال ذي القعدة وجلالهم.
وقيل: كانت في صفر سنة ثلاث من الهجرة، وجعلها ابن إسحاق بعد غزاة قرارة الكدر، ولم يتجاوز أرض المدينة.
[قال ابن الأثير: لما عاد رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم من بدر، أظهرت يهود له الحسد بما فتح عليه، وبغوا ونقضوا العهد، وكان قد وادعهم حين قدم المدينة مهاجرا] .
[فلما بلغه حسدهم جمعهم بسوق بنى قينقاع، فقال لهم: احذروا ما نزل بقريش وأسلموا، فإنكم قد عرفتم أنى نبي مرسل. فقالوا: يا محمد! لا يغرنك أنك لقيت قوما لا علم لهم بالحرب فأصبت منهم فرصة] .
[فكانوا أول يهود نقضوا ما بينهم وبينه، فبينما هم على مجاهرتهم، إذ جاءت امرأة مسلمة إلى سوق بنى قينقاع، فجلست عند صائغ لأجل حلىّ لها، فجاء رجل منهم فحل درعها إلى ظهرها، وهي لا تشعر، فلما قامت بدت عورتها، فضحكوا منها، فقام إليه رجل من المسلمين فقتله، ونبذوا العهد إلى رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم وتحصنوا في حصونهم، فغزاهم رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم، وحاصرهم خمس عشرة ليلة، فنزلوا على حكمه، فكتفوا وهو يريد قتلهم، وكانوا حلفاء الخزرج،
فقام إليه عبد اللَّه بن أبىّ بن سلول، فكلمه فيهم، فلم يجبه، فأدخل يده إلى جيب رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم، فغضب رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم وقال: ويحك! أرسلنى، فقال: لا أرسلك حتى تحسن إلى موالىّ،