للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلّم سبى يوم حنين ستة آلاف- بين غلام وامرأة- فجعل عليهم أبا سفيان بن حرب. ومات رجل من أشجع أيام حنين، فقال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلّم:

صلّوا على صاحبكم فإنه قد غلّ.

فنظروا. فإذا في برديه خرز لا يساوي درهمين.

[غزوة الطائف]

ثم كانت غزوة الطائف.

وذلك أن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلّم لما فتح حنينا، بعث الطفيل ابن عمرو بن طريف بن العاص بن ثعلبة بن سالم بن فهم الدّوسيّ إلى ذي الكفّين- صنم عمرو بن حمه- يهدمه، وأمره أن يستمدّ قومه ويوافيه بالطائف، وقال له:

أفش السلام، وأبذل الطعام- واستحي من اللَّه كما يستحي الرجل ذو الهيئة من أهله [ (١) ] ، إذا أسأت فأحسن، إِنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ ذلِكَ ذِكْرى لِلذَّاكِرِينَ [ (٢) ] .

فخرج إلى قومه فهدم ذا الكفين، وجعل يحشو النّار في وجهه ويحرقه ويقول:

يا ذا الكفين لست من عبّاكا ... ميلادنا أقدم من ميلادكا

أنا حششت [ (٣) ] النار في فؤادكا

ووافى معه بأربعمائة، بعد ما قدم عليه السلام الطائف بأربعة أيام، ومعه دبّابة، ومنجنيق. ويقال: بل اتخذ المنجنيق سلمان الفارسيّ، وقدم بالدبّابة خالد بن سعيد ابن العاص من جرش [ (٤) ] . وكان مع رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلّم حسك من خشب [ (٥) ] يطيف بعسكره.


[ (١) ]
كذا في (خ) ، (ط) وفي (الواقدي) ج ٣ ص ٩٢٢ «كما يستحي الرجل ذو الهيئة من أهله»
وذو الهيئة: ذو الوقار.
[ (٢) ] نص الآية ١١٤/ هود كالآتي: وَأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهارِ وَزُلَفاً مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ ذلِكَ ذِكْرى لِلذَّاكِرِينَ.
[ (٣) ] في (الواقدي) ج ٣ ص ٩٢٣ «حشوت النار في فؤادكا» . وحش النار: جمع إليها ما تفرق من الحط.
[ (٤) ] في (خ) «بن جرش» وجرش اسم مدينة سبق شرحها اسمها راجع (معجم البلدان) ج ٢ ص ١٢٧.
[ (٥) ] الحسك: نبات تعلق ثمرته بصوف الغنم، ورقه كورق الرّجلة وأدق، وعند ورقه شوك ملزز صلب ذو ثلاث شعب، وله ثمر شربه يفتت حصى الكليتين والمثانة. وكذا شرب عصير ورقه جيد للباءة، وعسر البول ونهش الأفاعي، ورشه في المنزل يقتل البراغيث، ويعمل في مثال شوكه أداة للحرب من حديد أو قصب. فيلقى حول العسكر ويسمى باسمه. (ترتيب القاموس ج ١ ص ٦٤١.