للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وللبخاريّ من حديث خالد عن عكرمة، عن ابن عباس أن النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم قال: إن اللَّه حرم مكة، فلم تحل لأحد قبلي، ولا تحل لأحد بعدي، وإنما حلت لي ساعة من نهار، والحديث له طرف آخر [ (١) ] ، وهذا صريح في اختصاصه صلّى اللَّه عليه وسلّم بذلك دون من قبله من الأنبياء عليهم السلام.

السادسة: أنه صلّى اللَّه عليه وسلّم لا يورث وأن ما تركه صدقة

وبه قطع أبو العباس الروياني، وقال الرافعي في (الشرح الصغير) :

أنه المشهور، وعلى هذا هل يكون وقفا على ورثته؟ فيه وجهان: حكاهما الروياني في أيضا، فإن جعلناه وفقا، فهل هو الواقف؟ فيه وجهان

لقوله عليه السلام: ما تركنا صدقة.

وأصحهما عند الإمام أنه باق على ملكه، ينفق منه على أهله كما كان صلّى اللَّه عليه وسلّم ينفقه في حياته، ووجه الإمام بأن الأنبياء- عليهم السلام- أحياء، قال: وكذلك كان أبو بكر- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه- ينفق منه على أهله، وخدمه، ويصرفه فيما كان يصرفه في حياته.

قال النووي في (الروضة) [ (٢) ] : وهذا ضعيف، والصواب الجزم بأنه زال ملكه صلّى اللَّه عليه وسلّم عنه، وأن ما تركه فهو صدقه على المسلمين لا يختص به الورثة، وكيف يصح غير [ما ذكرته مع

قوله صلّى اللَّه عليه وسلّم: «لا نورث ما تركناه فهو صدقة] [ (٣) ]

فإنه نص على زوال الملك. ثم إن الرافعي ذكر في قسم الفيء والقسمة، أن خمس الفيء كان له صلّى اللَّه عليه وسلّم ينفق منه على نفسه، وأهله، وفي مصالحه، ولم يكن يملكه، ولا ينقل منه إلى غيره أبدا، وهذا حكم منه بأن جهة الإنفاق غير مملوكة، خلاف ما ذكر هنا، ومن الغريب ما ذكره صاحب


[ (١) ] راجع التعليق السابق.
[ (٢) ] (روضة الطالبين) : ٥/ ٣٥١، كتاب النكاح، باب في خصائص رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم في النكاح وغيره.
[ (٣) ] ما بين الحاصرتين زيادة للسياق من (روضة الطالبين) ، وفي (الأصل) : «غير ذلك مع الحديث الصحيح» .