للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أحد يطعمنا.

فأمر المسلمين أن ينفقوا في سبيل اللَّه، وأن يتصدقوا، وألا يكفّوا أيديهم فيهلكوا [ (١) ] . فقالوا: يا رسول اللَّه! بم نتصدق وأحدنا لا يجد شيئا؟

فقال: بما كان، ولو بشق تمرة، ولو بمشقص [ (٢) ] يحمل به أحدكم في سبيل اللَّه.

فأنزل اللَّه تعالى في ذلك: وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ [ (٣) ] يعني: ترك النفقة في سبيل اللَّه.

[الهدي ومسير المسلمين]

وساق عليه السلام ستين بدنة، وجعل عليها ناجية بن جندب الأسلميّ ليسير أمامه يطلب الرعي في الشجر، ومعه أربعة فتيان من أسلم. وكان أبو رهم كلثوم ابن حصين الغفاريّ ممن يسوقها ويركبها. وقلد صلّى اللَّه عليه وسلّم هديه بيده وحمل السلاح فيها البيض والدّروع، وقاد مائة فرس عليها محمد بن مسلمة، وقدّم الخيل والسلاح، واستخلف على المدينة أبا ذرّ الغفاريّ، وأحرم من باب المسجد، لأنه سلك طريق الفرع [ (٤) ] ، ولولا ذلك لأهلّ من البيداء، وسار يلبّي والمسلمون معه يلبون، فلما انتهى محمد بن مسلمة بالخيل إلى مرّ الظهران [ (٥) ] ، وجد بها نفرا من قريش، فسألوه عن رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم فقال: يصبّح هذا المنزل إن شاء اللَّه.

[بلوغ الخبر إلى قريش]

ورأوا سلاحا كثيرا مع بشير بن سعد، فأسرعوا إلى مكة وأخبروا قريشا ففزعوا، وقالوا: واللَّه ما أحدثنا حدثا، ففيم يغزونا: محمد؟ ولما نزل رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم مرّ [ (٦) ] الظهران قدم السلاح إلى بطن يأجج [ (٧) ] ، وترك معه مائتين من أصحابه، عليهم أوس بن خوليّ. وخرج مكرز بن حفص في نفر حتى لقوا رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم ببطن يأجج [ (٧) ] ،

فقالوا: يا محمد! واللَّه ما عرفت صغيرا ولا كبيرا بالغدر! تدخل بالسلاح الحرم! وقد شرطت ألا تدخل إلا بسلاح المسافر، السيوف في القرب؟ فقال: إني لا أدخل عليهم السلاح.

فعاد [مكرز] [ (٨) ] إلى مكة، فخرجت قريش إلى رءوس الجبال، وقالوا: لا ننظر إليه ولا إلى أصحابه.


[ (١) ] في (خ) «فهلكوا» .
[ (٢) ] المشقص: السهم العريض.
[ (٣) ] ١٩٥/ البقرة.
[ (٤) ] في (خ) «الفروع» .
[ (٥) ] في (خ) «من الظهران» .
[ (٦) ] في (خ) «من الظهران» .
[ (٧) ] في (خ) «ياحج» .
[ (٨) ] زيادة للإيضاح.