للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وثلاثة آلاف شاة، فخمّس رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم وقسم ما بقي، فعدّل الجزور بعشر من الغنم.

[غزوة بني لحيان]

ثم كانت غزوة بني لحيان بن هذيل بن مدركة، بناحية عسفان [ (١) ] . خرج فيها رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم لهلال ربيع الأول سنة ست في مائتي رجل، ومعهم عشرون فرسا، يريد بني لحيان ليأخذ بثأر أصحاب الرجيع، فعسكر من ناحية الجزف في أول نهاره، وأظهر أنه يريد الشأم، ثم راح مبردا حتى انتهى إلى حيث كان مصاب عاصم بن ثابت وأصحابه بين أمج وعسفان ببطن عران [ (٢) ] ، وبينها وبين عسفان خمسة أميال. وقد هرب بنو لحيان، فأقام يوما أو يومين وبث السرايا فلم يقدر على أحد. فأتى عسفان في مائتي راكب من أصحابه، ثم بعث فارسين حتى بلغا كراع الغميم ثم كرّا. وقال الواقدي [ (٣) ] : بعث أبا بكر رضي اللَّه عنه في عشرة فوارس فبلغ كراع الغميم ورجع. ولم يلق أحدا.

فقال صلّى اللَّه عليه وسلّم: إن هذا يبلغ قريشا فيذعرهم، ويخافون أن نكون نريدهم.

وكان خبيب بن عديّ يومئذ في أيديهم، فخافوا أن يكون قد جاء ليخلّصه. وعاد رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم إلى المدينة، وقد غاب أربع عشرة ليلة وكان يخلفه على المدينة ابن أم مكتوم.

دعاء رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم

وقال في منصرفه إلى المدينة: آئبون تائبون عابدون، لربنا حامدون. اللَّهمّ أنت الصاحب في السفر، والخليفة على الأهل، اللَّهمّ إنّي أعوذ بك من وعثاء السفر وكآبة المنقلب، وسوء المنظر في الأهل والمال. اللَّهمّ بلغنا بلاغا صالحا يبلغ إلى خير، مغفرة منك ورضوانا، وهذا أوّل ما قال هذا الدعاء [ (٤) ] .

وصحّح جماعة أن غزوة بني لحيان هذه كانت بعد قريظة بستة أشهر، وأنها كانت في جمادى الأولى. وصحح ابن حزم أنها في الخامسة.


[ (١) ] قال السكري: عسفان على مرحلتين من مكة على طريق المدينة المنورة والجحفة على ثلاث مراحل، غزا النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم بني لحيان بعسفان وقد مضى لهجرته خمس سنين وشهران وأحد عشر يوما (معجم البلدان) ج ٤ ص ١٢٢.
[ (٢) ] في (خ) «غشران» .
[ (٣) ] في (المغازي) ج ٢ ص ٥٣٦.
[ (٤) ] ذكره النووي في (الأذكار) ص ١٩٨، ١٠٣، وابن سيد الناس في (عيون الأثر) ج ٣ ص ٨٣ وغيرهما.