٤/ ٢٠٢ عن الليث. وحكاه الزبيدي في (تاج العروس) ، وقد نصّ الفيومي على نفس المعنى في (المصباح المنير) : ١/ ٥٥ إلا أنه قال: ويتعدى بالهمزة، فيقال: أبديته، وبدا الشيء يبدو بدوا وبدوّا [بضم الباء والدال وتشديد الواو] وبداء وبدا- الأخيرة عن سيبويه- ظهر، وأبديته أنا، أظهرته. وتدور بقية معاجم اللغة حول نفس المعنى الّذي أثبته هؤلاء بأن كلمة «بداء» تعني الظهور، ودلّلوا على ذلك باشتقاقات لغوية، تشير إلى المعنى المذكور. وإذا أرادت العرب أن ترفع من قيمة الرجل، فهي تصفه بأنه ذو «بدوات» أي ذو آراء تظهر له، فيختار بعضها ويسقط بعضا، ويبدو أن الدلالة تشير إلى تطور فكر المرء في مواقفه إزاء موارد الحياة العامة التي تخضع دائما للتغيير والتباين. يقول أبو دريد: قولهم أبو البدوات، معناه: أبو الآراء التي تظهر له، واحدها: بدأة. وفي القرآن الكريم ورد المعنى إحدى وثلاثين مرة، موزعا على ستة عشرة سورة، يفيد معنى الظهور حسب مدلولات الآيات. أما «البداء» في الاصطلاح: فقد انسحب على الأمور الممكنة التي تقع في عالم «التكوّن» والتي تمتاز بظاهرة «التغيّر» بحيث تبدو هذه الأمور ثابتة أولا، كأنها تسير وفق سنّة واحدة، ولكن سرعان ما يظهر فيها «التبدّل» ، ولهذا اتخذت الحال التي تجري بمقتضاها هذه الحوادث صفة «البداء» ، بحيث يظهر منها خلاف ما كانت عليه أولا. ومن هنا ظهرت مشكلة في غاية التعقيد في تطور الجانب الاصطلاحي للكلمة، فمن المتعارف عليه أن الحياة تسير وفق عناية إلهية تامة، وإن اللَّه لا يجوز عليه التّغيّر أو التبدّل، وهو أمر ثابت لكل من تكلم على الظاهرة نفسها، هذا من جهة، ومن جهة أخرى فقد يلمس أن هناك تغييرا ملموسا يحدث في دائرة معينة، فهناك تغيّر واضح تسلك بمقتضاه بعض حوادث عالم التكون، ولهذا يتطلب الأمر حلا للمشكلة القائمة بين عدم تغيّر الموقف الإلهي من جانب، وطبيعة التغير الملموس في حوادث عالم التكوين المشمول بالإرادة الإلهية من جانب آخر.