للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[إسلام شيبة بن عثمان]

وكان شيبة بن عثمان بن أبي طلحة، قد تعاهد هو وصفوان بن أميّة يومئذ إن رأيا على رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلّم دبرة أن يكون عليه، وهما خلفه. قال شيبة: فأدخل اللَّه الإيمان قلوبنا. ولقد هممت بقتله، فأقبل شيء حتى يغشى فؤادي، فلم أطق ذلك، وعلمت أنه قد منع مني وفي رواية: غشيتني ظلمة حتى لا أبصر، فعرفت أنه ممتنع مني، وأيقنت بالإسلام. وفي رواية: أنّ شيبة قال: لما رأيت النبي صلى اللَّه عليه وسلّم غزا مكة فظفر بها وخرج إلى هوازن، قلت: أخرج لعلي أدرك ثأري! وذكرت قتل أبي يوم أحد [قتله حمزة] ، وعمي [قتله عليّ] ، فلما انهزم أصحابه جئته عن يمينه، فإذا العباس قائم علي درع بيضاء كالفضة، فقلت: عمّه! لن يخذله! فلما جئته عن يساره، فإذا بأبي سفيان بن الحارث، فقلت: ابن عمّه! ولن يخذله [ (١) ] ! فجئته من خلفه، فلم يبق [ (٢) ] إلا أسوّره بالسيف [ (٣) ] ، إذ رفع لي- فيما بيني وبينه- شواظ [ (٤) ] من النار كأنه برق، وخفت أن يمحشني [ (٥) ] ، فوضعت يدي على بصري ومشيت القهقرى، فالتفت إليّ وقال: يا شيب! أدن مني! فوضع يده على صدري وقال: اللَّهمّ أذهب عنه الشيطان! فرفعت رأسي إليه وهو أحبّ إليّ من سمعي وبصري وقلبي، ثم قال: يا شيب! قاتل الكفّار! فتقدّمت بين يديه أحبّ واللَّه أقيه بنفسي وبكلّ شيء. فلما انهزمت هوازن، رجع إلى منزله ودخلت عليه، فقال: الحمد للَّه الّذي أراد بك خيرا مما أردت. ثم حدثني بما هممت به.

[خبر المنافقين]

ولما كانت هزيمة المسلمين، تكلم قوم بما في نفوسهم من الضّغن والغشّ، فقال أبو سفيان بن حرب: لا تنتهي هزيمتهم دون البحر؟ فقال [أبو مقيت ابن سليم] [ (٦) ] : أما واللَّه لولا أني سمعت رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلّم ينهي عن قتلك لقتلتك!


[ (١) ] في (خ) «أن يخذله» .
[ (٢) ] في (خ) «أبق» .
[ (٣) ] تسوّره: علاه، أي يعلوه فيأخذه بالسيف.
[ (٤) ] في (خ) «شوظ» .
[ (٥) ] يمشخني: يحرق الجلد حتى يبدو العظم.
[ (٦) ] كذا في (خ) ، (ط) ، وفي (الواقدي) ج ٣ ص ٩١٠ «يقول رجل من أسلم يقال له أبو مقيت ... إلخ» .