للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأما إخباره صلّى اللَّه عليه وسلّم [بطلوع] وفد عبد القيس [قبل قدومهم]

فخرّج البيهقيّ [ (١) ] من طريق قيس بن حفص الدارميّ، عن طالب بن حجير العبديّ، قال: حدثنا هود بن عبد اللَّه بن سعيد أنه سمع [جده] [ (٢) ] مزيدة العصري قال: بينما النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم يحدث أصحابه إذ قال لهم: سيطلع عليكم من هاهنا ركب هم خير أهل المشرق، فقام عمر- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه- فتوجه نحوهم فلقى ثلاثة عشر راكبا، فقال: من القوم؟ قالوا: من بني عبد القيس، فقال: فما أقدمكم هذه البلاد؟ أتجارة؟ قالوا: لا، قال: أما إنّ النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم قد ذكركم آنفا، فقال: خيرا، ثم مشى معهم حتى أتوا النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم، فقال عمر للقوم: هذا صاحبكم الّذي تريدون، فرمي القوم بأنفسهم عن ركائبهم، فمنهم من مشى، ومنهم من هرول، ومنهم من سعى، حتى أتوا النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم فأخذوا بيده فقبلوها، وتخلف الأشج في الركاب حتى أناخها، وجمع متاع القوم، ثم جاء يمشي حتى أخذ بيد رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم فقبلها، فقال له النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم: إن فيك خلتين يحبهما اللَّه ورسوله، فقال جبل جبلت عليه أم تخلقا مني؟

قال: بل جبل، قال: الحمد للَّه الّذي جبلني على ما يحب اللَّه ورسوله [ (٣) ] .


[ (١) ] (دلائل البيهقيّ) : ٥/ ٣٢٦- ٣٢٧، باب وفد عبد القيس وإخباره النبيّ صلّى اللَّه عليه وسلّم بطلوعهم قبل قد ومهم، وتصويبات العنوان منه.
[ (٢) ] من (الأصل) فقط.
[ (٣) ] الخلتان كما في رواية مسلم: الحلم والأناة. وسبب وفودهم أن منقذ بن حبان أحد بني غنم ابن وديعة كان متجره إلى يثرب في الجاهلية، فشخص إلى يثرب بملاحف ونمر من هجر بعد هجرة النبيّ صلّى اللَّه عليه وسلّم إليها،
فبينا منقذ قاعد إذ مرّ به النبيّ صلّى اللَّه عليه وسلّم، فنهض منقذ إليه، فقال النبيّ صلّى اللَّه عليه وسلّم:
أمنقذ بن حبان؟ كيف جميع هيأتك وقومك؟
ثم سأله عن أشرافهم رجل رجل، يسميهم بأسمائهم، فأسلم منقذ وتعلم سورة الفاتحة، واقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ، ثم رحل قبل هجر، فكتب النبيّ صلّى اللَّه عليه وسلّم معه إلى جماعة عبد القيس كتابا، فذهب به وكتمه أياما، ثم اطلعت.