وكان منقذ- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه- يصلي ويقرأ، فأنكرت امرأته ذلك، وذكرت لأبيها المنذر فقالت: أنكرت بعلي منذ قدم من يثرب، إنه يغسل أطرافة [تعني يتوضأ] ، ويستقبل الجهة [تعني القبلة] ، فيحني ظهره مرة، ويضع جبينه مرة، ذلك ديدنه منذ قدم، فتلاقيا، فتجاريا ذلك، فوقع الإسلام في قلبه. ثم سار الأشج إلى قومه- عصر ومحارب- بكتاب رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم فقرأه عليهم فوقع الإسلام في قلوبهم، وأجمعوا على المسير إلى رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم، فسار الوفد، فلما دنوا من المدينة قال النبيّ صلّى اللَّه عليه وسلّم لجلسائه: أتاكم وفد عبد القيس، خير أهل المشرق، ومنهم الأشجّ العصري غير ناكثين ولا مبدلين ولا مرتابين، إذ لم يسلم قوم حتى وتروا. (شرح النووي) . [ (١) ] (مسلم بشرح النووي) : ٢/ ٣٠٠- ٣٠٢، كتاب الإيمان، باب (٦) الأمر بالإيمان باللَّه- تعالى- ورسوله صلّى اللَّه عليه وسلّم وشرائع الدين والدعاء إليه والسؤال عنه، وحفظه، وتبليغه من لم يبلغه، حديث رقم (٢٤) . وفي هذا الحديث وفادة الرؤساء والأشراف إلى الأئمة عند الأمور المهمة، وفيه تقديم الاعتذار بين يدي المسألة، وفيه بيان مهمات الإسلام وأركانه ما سوى الحج، وفيه استعانة العالم في تفهيم الحاضرين، والفهم عنهم ببعض أصحابه كما فعله ابن عباس- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنهما- وقد يستدل به على أنه يكفى في الترجمة في الفتوى والخبر قول واحد. وفيه استحباب قول الرجل لزواره والقادمين عليه: مرحبا ونحوه، والثناء عليهم إيناسا وبسطا. وفيه جواز الثناء على الإنسان في وجهه إذا لم يخف عليه فتنة بإعجاب ونحوه. وأما استحبابه فيختلف بحسب الأحوال والأشخاص وأما النهي عن المدح في الوجه فهو في حق من يخاف عليه الفتنة بما ذكرناه. وقد مدح النبيّ صلّى اللَّه عليه وسلّم في مواضع كثيرة في الوجه، فقال صلّى اللَّه عليه وسلّم لأبي بكر- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه-: لست منهم، وقال: يا أبا بكر لا تبك، إن أمنّ الناس عليّ في صحبته وماله أبو بكر، ولو كنت متخذا من أمتي خليلا لاتخذت أبا بكر خليلا. وقال له: وأرجو أن تكون منهم، أي من الذين يدعون من أبواب الجنة.