للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأما إطلاع اللَّه تعالى رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم على كتاب حاطب بن أبي بلتعة إلى قريش يخبرهم بالمسير إليهم

فروى يونس بن بكير، عن بن إسحاق، عن محمد بن جعفر بن الزبير، عن عروة قال: لما أجمع رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم المسير إلى مكة كتب حاطب بن أبي بلتعة إلى قريش يخبرهم بالذي أجمع عليه رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم من المسير إليهم، ثم أعطاه امرأة من مزينة وجعل لها جعلا على أن تبلغه قريشا فجعلته في رأسها، ثم قفلت عليه فروتها وخرجت به، فأتى رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم الخبر من السماء بما صنع حاطب فبعث عليّ بن أبي طالب والزبير بن العوام فقال: أدركا امرأة قد كتب معها حاطب كتابا إلى قريش يحذرهم ما قد أجمعنا في أمرهم فذكر الحديث [ (١) ] .

وخرج البخاريّ في آخر كتاب الجهاد [ (٢) ] من طريق هشيم حدثنا حصين، عن سعد بن عبيدة، عن أبي عبد الرحمن- وكان عثمانيا- فقال لابن عطية- وكان علويا- إني لأعلم الّذي جرّأ صاحبك على الدماء، سمعته يقول بعثني النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم والزبير فقال: ائتوا روضة كذا، تجدون بها امرأة أعطاها حاطب كتابا فأتينا الروضة فقلنا: الكتاب، فقالت: لم يعطني، قلنا: لتخرجن أو لأجردنك، فأخرجت من حجزتها، فأرسل إلى حاطب فقال: لا تعجل واللَّه ما كفرت ولا أزددت للإسلام إلا حبّا ولم يكن أحد من أصحابك إلا وله بمكة من يدفع اللَّه به عن أهله وماله، ولم يكن لي أحد فأحببت أن أتخذ عندهم يدا فصدقه النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم

فقال عمرو: دعني أضرب عنقه فإنه قد نافق، فقال: ما يدريك لعل اللَّه اطلع على أهل بدر فقال: اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم، فهذا الّذي جرأه.


[ (١) ] (سيرة ابن هشام) : ٥/ ٥٢، كتاب حاطب بن أبي بلتعة يحذر أهل مكة.
[ (٢) ] (فتح الباري) : ٦/ ٢٣٤، كتاب الجهاد والسير، باب (١٩٥) ، إذا اضطر الرجل إلى النظر في شعور أهل الذمة والمؤمنات إذا عصين اللَّه، وتجريدهن، حديث رقم (٣٠٨١) .