للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الخلاف في أول صلاة الخوف]

وكان ابن عباس رضي اللَّه عنه يقول: هذه أول صلاة صلاها رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم في الخوف. وقال سفيان بن سعيد، عن منصور، عن مجاهد، عن أبي عياش الزرقيّ: أنه كان- يعني ابن عباس- مع النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم يومئذ، فذكر أن النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم صلى هكذا. وذكر أبو عيّاش أنها أول ما صلى رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم صلاة الخوف- يعني ابن عباس: وقال الواقدي: حدثني ربيعة بن عثمان، عن وهب بن كيسان، عن جابر بن عبد اللَّه رضي اللَّه عنه قال: صلى رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم أول صلاة الخوف في غزوة ذات الرّقاع، ثم صلاها بعد بعسفان، بينهما أربع سنين.

قال الواقدي [ (١) ] : وهذا أثبت عندنا.

[مسير المسلمين إلى ثنية ذات الحنظل وحيرة الدليل]

فلما أمسى رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم قال: تيامنوا في هذا العصل [ (٢) ] ، فإن عيون قريش بمرّ الظهران أو بضجنان، فأيكم يعرف ثنية ذات الحنظل؟ فقال بريدة بن الحصيب: أنا يا رسول اللَّه! فقال: اسلك أمامنا.

فأخذ بريدة في العصل، قبل جبال سراوع قبل المغرب، فسار قليلا [ (٣) ] وحار. فنزل حمزة بن عمرو الأسلمي فسار بهم قليلا، ثم لم يدر أين يتوجه. فسار بهم عمرو بن [عبد] [ (٤) ] نهم الأسلمي حتى بلغها.

[خبر الثنية وأن من جازها غفر له]

فقال رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم: والّذي نفسي بيده، ما مثل هذه الثنية إلا مثل الباب الّذي قال اللَّه لبني إسرائيل: ادْخُلُوا الْبابَ سُجَّداً وَقُولُوا حِطَّةٌ [ (٥) ] ثم قال:

لا يجوز هذه الثنية أحد إلا غفر له.

فجعل الناس يسرعون.


[ (١) ] (المغازي) ج ٢ ص ٥٨٣.
[ (٢) ] في (خ) «تنامنوا» والعصل: الاعوجاج في صلابة، والمراد هنا الرمل الملتوى. (الترتيب القاموس) ج ٣ ص ٢٤٠، (النهاية) ج ٣ ص ٢٤٨.
[ (٣) ] في (خ) «ليلا» والتصويب من (الواقدي) ج ٢ ص ٥٨٣.
[ (٤) ] زيادة من (المرجع السابق) ص ٥٨٤، ونهم: اسم صنم.
[ (٥) ] آية ٥٨/ البقرة، والحطة: طلب المغفرة (المعجم الوسيط) ج ١ ص ١٨٢.