[ (٢) ] هو عامر بن عبد اللَّه بن الجراح بن هلال بن أهيب بن ضبّة بن الحارث بن فهر بن مالك بن النّضر ابن كنانة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان القرشيّ الفهريّ المكّي. أحد السابقين الأولين، عزم الصديق على توليته الخلافة، وأشار به يوم السقيفة، لكمال أهليته عند أبي بكر. يجتمع في النسب هو والنبي صلّى اللَّه عليه وسلّم في فهر، شهد له النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم بالجنة، وسماه أمين الأمة، ومناقبه شهيرة جمة، وغزا غزوات مشهورة، له في صحيح مسلم حديث واحد، وله في جامع أبي عيسى حديث، وله في مسند بقيّ خمسة عشر حديثا. وقد شهد أبو عبيدة بدرا، فقتل يومئذ أباه، وأبلى يوم أحد بلاء حسنا، ونزع الحلقتين اللتين دخلتا من المغفر في وجنة رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم من ضربة أصابته، فانقلعت بهما ثنيتاه، حتى قيل: ما رئي هتم قط أحسن من هتم أبي عبيدة، وكان أبو عبيدة معدودا فيمن جمع القرآن العظيم. وكان موصوفا بحسن الخلق، وبالحلم الزائد والتواضع. ولما فرغ الصديق من حرب أهل الردّة، وحرب مسيلمة الكذاب، جهّز أمراء الأجناد لفتح الشام، فبعث أبا عبيدة، ويزيد بن أبي سفيان، وعمرو بن العاص، وشرحبيل بن حسنة، فتمّت وقعة أجنادين بقرب الرملة، ونصر اللَّه المؤمنين، فجاءت البشرى، والصّدّيق في مرض الموت. ثم كانت وقعة فحل، ووقعة مرج الصّفر، وكان قد سيّر أبو بكر خالدا لغزو العراق، ثم بعث إليه لينجد من بالشام، فقطع المفاوز على بريّة السماوة، فأمّره الصديق على الأمراء كلهم، وحاصروا دمشق، وتوفّي أبو بكر، فبادر عمر بعزل خالد، واستعمل على الكل أبا عبيدة، فجاءه التقليد، فكتمه مدة، وكل هذا من دينه ولينه وحلمه، فكان فتح دمشق على يده، فعند ذلك أظهر التقليد، ليعقد الصلح للروم، ففتحوا له باب الجابية صلحا، وإذا بخالد قد افتتح البلد عنوة من الباب الشرقيّ، فأمضى لهم أبو عبيدة الصلح. وعن المغيرة، أن أبا عبيدة صالحهم على أنصاف كنائسهم ومنازلهم، ثم كان أبو عبيدة رأس الإسلام يوم وقعة اليرموك، التي استأصل اللَّه فيها جيوش الروم، وقتل منهم خلق عظيم. وتوفي أبو عبيدة رضي اللَّه عنه في سنة ثمان عشرة، وله ثمان وخمسون سنة. * (مسند أحمد) : ١/ ١٩٥- ١٩٦، (طبقات ابن سعد) : ٣/ ١/ ٤٠٩، (التاريخ الكبير) : ٦/ ٤٤٤، (التاريخ الصغير) : ١/ ٤٠، (المعارف) : ٢٤٧- ٢٤٨، (تاريخ الطبري) : ٣/ ٢٠٢ (الجرح والتعديل) : ٦/ ٦٣٥، (المستدرك) : ٣/ ٢٦٢- ٢٦٨، (حلية الأولياء) : ١/ ١٠٠- ١٠٢، (الاستيعاب) : ٤/ ١٧١٠، (صفة الصفوة) : ١/ ١٩٢، (جامع الأصول) : ٩/ ٢٠- ٢١، (الكامل في التاريخ) ٢/ ٢٥٩، (تاريخ الإسلام) : ٢/ ١٣٨،