فصل في ذكر من أقام عليه رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلّم حد الزنا
قال ابن سيده: زنا الرجل يزني زنا وزناء، وكذلك المراة أيضا وزانى مزاناة وزناء بالمد، عن اللحياني، وكذلك المرأة أيضا.
والمرأة تزانى مزاناة وزناء أي تباغى، قال اللحياني: الزنى مقصور، لغة أهل الحجاز، قال اللَّه تعالى: وَلا تَقْرَبُوا الزِّنى بالقصر، والنسبة إلى المقصور زنوى، والزناء ممدود لغة بنى تميم، وفي (الصحاح) :
المد لأهل نجد، والنسبة إلى الممدود: زنائى، وزناه زنية، نسبة إلى الزنا، وقال له: يا زانى.
وفي الحديث: ذكر قسطنطينية الزانية، يريد الزاني أهلها، كقوله تعالى: وَكَمْ قَصَمْنا مِنْ قَرْيَةٍ كانَتْ ظالِمَةً، أي كانت ظالمة الأهل.
وقد زانى المرأة مزاناة وزناء، وقال اللحياني: قيل لابنة الخس: ما أزناك؟ قالت: قرب الوساد وطول السواد، فكأن قوله: ما أزناك؟ ما حملك على الزنا؟ قال: ولم يسمع هذا إلا في حديث ابنة الخس.
وهو ابن زنية وزنية، والفتح أعلى، أي ابن زنا، ويقال للولد إذا كان من زنا: هو لزنية، وقد زناه: من التزنية، أي قذفه [ (١) ] .
كانت عقوبة الزنا في صدر الإسلام، عقوبة خفيفة مؤقتة، لأن الناس كانوا حديثي عهد بحياة الجاهلية، ومن سنة اللَّه جل وعلا في تشريع الأحكام أن يسير بالأمة في طريق التدرج، ليكون أنجح في العلاج، وأحكم في التطبيق، وأسهل على النفوس لتقبل شريعة اللَّه، عن رضى واطمئنان.
وقد كانت العقوبة في صدر الإسلام هي ما قصّه اللَّه تعالى علينا في سورة النساء في قوله جل شأنه: وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفاحِشَةَ مِنْ نِسائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ فَإِنْ شَهِدُوا فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَ