للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا* وَالَّذانِ يَأْتِيانِها مِنْكُمْ فَآذُوهُما فَإِنْ تابا وَأَصْلَحا فَأَعْرِضُوا عَنْهُما إِنَّ اللَّهَ كانَ تَوَّاباً رَحِيماً [ (١) ] .

فكانت عقوبة المرأة: الحبس في البيت، وعدم الإذن لها بالخروج منه، وعقوبة الرجل، التأنيب، والتوبيخ بالقول والكلام، ثم نسخ ذلك بقوله تعالى: الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ واحِدٍ مِنْهُما مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلا تَأْخُذْكُمْ بِهِما رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذابَهُما طائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ [ (٢) ] .

ويظهر أن هذه العقوبة كانت في أول الإسلام من قبيل التعزير لا من قبيل الحد، بدليل التوقيت الّذي أشارت إليه الآية الكريمة في قوله تعالى:

حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا وقد استبدلت بهذه العقوبة عقوبة أشد، هي الجلد للبكر، والرجم للزاني المحصن، وانتهى ذلك الحكم المؤقت إلى تلك العقوبة الرادعة الزاجرة.

خرج مسلم [ (٣) ] ، وأبو داود [ (٤) ] ، والترمذي [ (٥) ] من حديث عبادة بن الصامت رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه أنه قال: كان نبي اللَّه صلى اللَّه عليه وسلّم إذا أنزل عليه


[ (١) ] النساء: ١٥- ١٦، والمراد بالفاحشة جريمة الزنى، وسميت فاحشة لأنها فعلة قد زادت في القبح على كثير من القبائح المنكرة، قال تعالى: وَلا تَقْرَبُوا الزِّنى إِنَّهُ كانَ فاحِشَةً وَساءَ سَبِيلًا [الإسراء: ٣٢] .
[ (٢) ] النور: ٢.
[ (٣) ]
(مسلم بشرح النووي) : ١١/ ٢٠١، كتاب الحدود، باب (٣) حد الزنى، حديث رقم (١٦٩٠) ، أما قوله صلى اللَّه عليه وسلّم: فقد جعل اللَّه لهن سبيلا»
فإشارة إلى قوله تعالى: فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا، فبين النبي صلى اللَّه عليه وسلّم أن هذا هو ذلك السبيل.
واختلف العلماء في هذه الآية، فقيل: هي محكمة، وهذا الحديث مفسر لها، وقيل: هي منسوخة بالآية التي في أول سورة النور، وقيل: إن آية النور في البكرين وهذه الآية في الثيبين.