للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[المجلد الرابع]

[تتمة الفصل في ذكر المفاضلة بين المصطفى وبين إبراهيم]

بسم اللَّه الرّحمن الرّحيم

ومن حديث محمد بن كعب القرظيّ قال:

بينا عمر بن الخطاب رضي اللَّه عنه في المسجد إذ مرّ رجل في مؤخر المسجد فقال رجل: يا أمير المؤمنين، تعرف هذا المار؟ قال: لا، فمن هو؟ قال: هذا سواد بن قارب، وهو رجل من أهل اليمن له فيهم شرف وموضع، وهو الّذي أتاه رئيّه [ (١) ] بظهور رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم فقال [عمر] [ (٢) ] :

عليّ به، فدعي، فقال [ (٣) ] : أنت سواد بن قارب، قال: نعم، قال: فأنت [ (٤) ] الّذي أتاك رئيّك بظهور رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم؟ قال: نعم، قال: فأنت على ما كنت عليه من كهانتك؟ فغضب غضبا شديدا وقال: يا أمير المؤمنين! ما استقبلني أحد [ (٥) ] بهذا منذ أسلمت، فقال عمر رضي اللَّه عنه: يا سبحان اللَّه! واللَّه ما كنا عليه من الشرك أعظم مما كنت عليه من كهانتك، أخبرني بإتيانك [ (٦) ] رئيك بظهور رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم قال: نعم.

يا أمير المؤمنين، بينا أنا ذات ليلة بين النائم واليقظان، إذ أتانى رئيّي فضربني برجله وقال: قم يا سواد بن قارب، فافهم [ (٧) ] واعقل إن كنت تعقل إنه قد بعث رسول من لؤيّ بن غالب يدعو إلى اللَّه وإلى عبادته، ثم أنشأ يقول:

عجبت للجن وتجساسها [ (٨) ] ... وشدها العيس [ (٩) ] بأحلاسها [ (١٠) ]

تهوى إلى مكة تبغي الهدى ... ما خير الجن كأنجاسها [ (١١) ]


[ (١) ] الرَّئّيّ والرِّئّيّ: الجنّي يراه الإنسان، وقال اللحيانيّ: له رئيّ من الجن ورئيّ إذا كان يحبه ويؤالفه.
الليث: الرّئّي: جنّي يتعرض الرجل يريه كهانة وطبا. (لسان العرب) : ١٤/ ٢٩٧.
[ (٢) ] زيادة للسياق من (دلائل أبي نعيم) .
[ (٣) ] في (خ) : «قال» .
[ (٤) ] في (خ) : «أنت» .
[ (٥) ] كذا في (خ) ، وفي (دلائل أبي نعيم) : «بهذا أحد» .
[ (٦) ] في (خ) : «بإتيان» .
[ (٧) ] في (خ) : «وافهم» .
[ (٨) ] في (الفتح) ٧/ ٢٢٩: «وتحساسها» ، بفتح المثناة وبمهملات، أي أنها فقدت أمرا، فشرعت تفتش عليه.
[ (٩) ] العيس: الإبل البيض، يخالط بياضها سواد خفيف.
[ (١٠) ] الأحلاس: جمع حلس، وهو كل ما يوضع على ظهر الدابة.
[ (١١) ] في (فتح الباري) : ٧/ ٢٢٩: «ما مؤمنوها مثل أرجاسها» .