للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الثامنة: اختلف أصحابنا هل كان يحرم عليه صلّى اللَّه عليه وسلّم أن يصلي على من عليه دين؟ على وجهين، وفي جوازه مع وجود الضامن على طريقتين

حكاهما أبو العباس في (الجرجانيات) ، يثاب على ما حكاه الرافعي عنه، قال النووي في (الروضة) [ (١) ] بعد أن حكى الخلاف في الثانية وجهين على خلاف الرافعي، من كونه طريقتين: والصواب الجزم بجوازه مع الضامن نسخ التحريم، فكان صلّى اللَّه عليه وسلّم بعد ذلك يصلي على من عليه دين ولا ضامن له ويوفيه من عنده والأحاديث الصحيحة [مصرحة بما ذكرته] ، ففي الباب حديث أبي سلمى، عن أبي هريرة في (الصحيحين) ، وعن سلمة بن الأكوع، في البخاريّ، وعن أبي قتادة في الترمذيّ، وعن جابر عند أبي داود، وعن أبي سعيد، عند البيهقيّ، وعن ابن عمر، عند الطبراني، قال في (الأوسط) : عن أبي أمامة وأسماء بنت يزيد وعنده في (الكبير) ، وعن ابن عياش في (الناسخ) للبخاريّ.

وفي حديث سلمة يعني الضامن أنه قتادة- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه- وفي حديث أبي سعيد أن الضامن عليّ فتكون القصة تكررت وكل ذلك لا يدل على التحريم فقيل في امتناعة صلّى اللَّه عليه وسلّم: أنه تأديب للأحياء لئلا يأكلوا أموال


[ (١) ]
(روضة الطالبين) : ٥/ ٣٥٠، كتاب النكاح، باب في خصائص رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم في النكاح وغيره، وقال في (هامشه) : كان رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم يؤتي بالرجل المتوفى عليه الدين فيسأل:
هل ترك لدينه قضاء؟ فإن حدّث أنه ترك وفاء صلى عليه، وإن قيل: لا، قال للمسلمين:
صلوا على صاحبكم، فلما فتح عليه الفتوح قام فقال: أنا أولى بالمؤمنين من أنفسهم، فمن توفى من المؤمنين فترك دينا فعليّ قضاؤه، ومن ترك مالا فلورثته. [متفق عليه] .
وأخرجه البيهقيّ في (السنن الكبرى) : ٧/ ٤٤، كتاب النكاح، باب كان عليه صلّى اللَّه عليه وسلّم قضاء دين من مات من المسلمين، وقال: رواه مسلم في الصحيح، عن حرملة بن وهب، وأخرجه البخاريّ من وجه آخر عن يونس، ٧/ ٥٣ كتاب النكاح، باب كان لا يصلي على من عليه دين ثم نسخ، بنحوه.