روى عن عائشة رضى اللَّه عنها أنّ رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم أراد أن يخرج يوما إلى الصحابة، فكان ينظر في جب الماء، ويسوى عمامته وشعره، فقالت: أو تفعل ذلك يا رسول اللَّه؟ قال: «نعم إن اللَّه تعالى يحب من العبد أن يتزين لإخوانه إذا خرج إليهم» أخرجه ابن عدي في (الكامل) ، وذكره الإمام الغزالي في (الإحياء) ، مرة في الطهارة، ومرة في الرياء بالأصحاب والزائرين والمخالطين، ثم قال: نعم هذا كان من رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم عبادة، لأنه كان مأمورا بدعوة الخلق وترغيبهم في الاتباع، واستمالة قلوبهم، ولو سقط من أعينهم لم يرغبوا في اتباعه، فكان يجب عليه أن يظهر لهم محاسن أحواله، لئلا تزدريه أعينهم، فإن أعين عوام الخلق تمتد إلى الظواهر دون السرائر، فكان ذلك قصد رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم، ولكنه لو قصد قاصد به أن يحسّن نفسه في أعينهم حذرا من ذمهم ولومهم، واسترواحا إلى توقيرهم واحترامهم، كان قد قصد أمرا مباحا، إذ للإنسان إن يحترز من ألم المذمة، ويطلب راحة الأنس بالإخوان، ومهما استقلوه واستقذروه. لم يأنس بهم. (إحياء علوم الدين) : ٣/ ٤٦٤- ٤٦٥، وما بين الحاصرتين لم يظهر في التصوير الضوئى من النسخة (ج) ، وقد استدركناه من النسخة (خ) .