للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عزل سعد راية رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم

فقال عبد الرحمن بن عوف وعثمان بن عفان: يا رسول اللَّه! ما نأمن من سعد أن تكون منه في قريش صولة.

فقال رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم: يا أبا سفيان! اليوم يوم الرحمة [ (١) ] ، اليوم أعزّ اللَّه فيه قريشا!

وأرسل إلى سعد فعزله، وجعل اللواء إلى قيس بن سعد، فأبى سعد أن يسلم اللواء إلا بأمارة، فأرسل صلّى اللَّه عليه وسلّم بعمامته، فدفع اللواء إلى ابنه قيس. ويقال: دخل سعد بلوائه حتى غرزه بالحجون. ويقال إن رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم أمر عليا فأخذ الراية، فذهب علي بها حتى دخل بها مكة فغرزها عن الركن، وقيل: بل أمر الزبير بن العوام فأخذ اللواء [ (٢) ] وصححه جماعة.

[مقالة أبي سفيان حين رأى ما رأى]

وقال أبو سفيان: ما رأيت مثل هذه الكتيبة قط، ولا خبّرنيه مخبر! ما لأحد به طاقة ولا يدان! لقد أصبح ملك ابن أخيك الغداة عظيما! فقال له العباس:

يا أبا سفيان! ليس بملك ولكنه نبوّة. قال: فنعر [ (٣) ] ! قال فانج ويحك فأدرك قومك قبل أن يدخل عليهم.

[خروج أبي سفيان إلى مكة وما كان منه]

فخرج أبو سفيان فتقدم الناس كلهم حتى دخل مكة من كداء وهو يقول:

من أغلق بابه فهو آمن! حتى انتهى إلى هند بنت عتبة فأخذت برأسه فقالت:

ما وراءك؟ قال: هذا محمد في عشرة آلاف عليهم الحديد. وقد جعل لي: من دخل داري فهو آمن! قالت: قبحك اللَّه رسول قوم! وجعل يصرخ بمكة! يا معشر قريش! ويحكم! إنه قد جاء ما لا قبل لكم به! هذا محمد في عشرة آلاف عليهم الحديد فأسلموا تسلموا! قالوا! قبحك اللَّه وافد قوم! وجعلت هند تقول: اقتلوا وافدكم هذا، قبحك اللَّه وافد قوم! فيقول! ويلكم! لا تغرنكم هذه من أنفسكم! رأيت ما لم تروا [ (٤) ] رأيت الرجال والكراع والسلاح، فما لأحد [ (٥) ]


[ (١) ] في (الواقدي) ج ٢ ص ٨٢٢ «اليوم يوم المرحمة» .
[ (٢) ] راجع (زاد المعاد) ج ٣ ص ٤٠٤.
[ (٣) ] نعر: صوّت صوتا شديدا من خيشومه.
[ (٤) ] في (خ) «ما لا تروا» .
[ (٥) ] في (خ) «مال أحد» .