للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يعرفون من الناس يثبتونهم فيقول: إني قد دنوت منهم فسمعتهم يقولون: لو حملوا علينا ما ثبتنا، ليسوا بشيء. وذاك قول اللَّه تبارك وتعالى: إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا [ (١) ] .

وعن حكيم بن حزام: لقد رأيتنا يوم بدر وقد وقع بوادي خلص [ (٢) ] بجاد [ (٣) ] من السماء قد سد الأفق، فإذا الوادي يسيل نملا، فوقع في نفسي أن هذا شيء من السماء أيّد به محمد صلّى اللَّه عليه وسلّم، فما كانت إلا الهزيمة، وهي الملائكة.

نهي الرسول صلّى اللَّه عليه وسلّم عن قتل بني هاشم ورجال من قريش

ونهى رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم يومئذ عن قتل بني هاشم، فقال: من لقي منكم أحدا من بني هاشم فلا يقتله.

ونهى عن قتل العباس بن عبد المطلب، ونادى مناديه:

من أسر أمّ حكيم بنت حزام فليخل سبيلها فإن رسول اللَّه قد أمنها. وكان قد أسرها رجل من الأنصار وكتفها بذؤابتها [ (٤) ] فلما سمع المنادي خلى سبيلها. ونهى أيضا عن قتل أبي البختري فقتله أبو داود المازني، ويقال: قتله المجدّر بن ذياد [ (٥) ] . ونهى عن قتل الحارث بن عامر بن نوفل، فقتله خبيب بن يساف ولا يعرفه. ونهى عن قتل زمعة بن الأسود، فقتله ثابت بن الجذع [ (٦) ] ولا يعرفه.

دعاؤه صلّى اللَّه عليه وسلّم ثم رميه المشركين بالحصى

ولما التحم القتال كان رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم رافعا يديه يسأل اللَّه النصر وما وعده.

وأمر صلّى اللَّه عليه وسلّم فأخذ من الحصا كفا فرماهم بها وقال: شاهت الوجوه، اللَّهمّ ارعب قلوبهم، وزلزل أقدامهم.

فانهزم أعداء اللَّه لا يلوون على شيء، وألقوا دروعهم، والمسلمون يقتلون ويأسرون، وما بقي منهم أحد إلا امتلأ وجهه وعيناه، ما يدري أين يتوجه، والملائكة يقتلونهم، وذلك قوله تعالى: فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلكِنَّ اللَّهَ قَتَلَهُمْ


[ (١) ] آية ١٢/ الأنفال.
[ (٢) ] وادي بين مكة والمدينة فيه قرى ونخل (معجم البلدان) ج ٢ ص ٣٨٢.
[ (٣) ] البجاد: كساء مخطط (المعجم الوسيط) ج ١ ص ٣٨.
[ (٤) ] الذؤابة: الضفيرة من الشعر.
[ (٥) ] في (خ) «زياد» وما أثبتناه من (المغازي) ج ١ ص ٨٠.
[ (٦) ] في (خ) «الجزع» وما أثبتناه من (المغازي) ج ١ ص ٨١.