للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

السنة التي نقلها بطريق الآحاد، لكنه لا يقدم أحد على القطع في ردّه، وأن ابن القثم قال في مصحف ابن مسعود: أرى أن الإمام يمنع من تبعه، ويصرف من قرأ به، ويمنع من ذلك. وقد قال مالك: إن من قرأ في صلاته بقراءة ابن مسعود أو غيره من الصحابة ممن خالف المصحف [ (١) ] لم يصلّ وراءه.

قال ابن عبد البر: وعلماء [المسلمين] [ (٢) ] مجمعون على ذلك، إلا قوما شذوا، لا [يعول] [ (٢) ] عليهم، منهم الأعمش سليمان بن مهران، وأما من منع أن يكون الشواذ قرآنا فإنّهم قالوا: لا ينطلق اسم القرآن إلا على ما بين دافتي مصحف عثمان رضي اللَّه عنه.

وأما آحاد القراءات فإنّها غير متواترة، ولهذا قيل لها شاذة لخروجها عما عليه الجمهور.

وقال ابن مهدي: لا يكون إماما في العلم من أخذ بالشاذ من العلم، وقال خلاد بن يزيد الباهلي: قلت ليحيى بن عبد اللَّه بن أبي مليكة بن عبد اللَّه: إن نافعا حدثني عن أبيك عن عائشة رضي اللَّه عنها، أنها كانت تقرأ إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ [ (٣) ] وتقول: إنما هو من ولق الكذب، فقال يحيى: ما يضرك أن لا تكون سمعته عائشة؟ نافع ثقة عن أبي، وأبي ثقة عن عائشة، وما [يضرني] [ (٢) ] أن قرأتها هكذا، ولو كذا وكذا، قلت: ولم أنت تزعم أنها قد قالت؟ قال:

لأنه غير قراءة الناس، ونحن لو وجدنا رجلا يقرأ بما ليس بين اللوحين، ما كان بيننا وبينه إلا التوبة أو نضرب عنقه، نجيء به عن الأئمة عن النبي صلّى اللَّه عليه وسلم عن جبريل عن اللَّه، وتقولون أنتم: حدثنا فلان عن فلان الأعمش؟ ما أدري ماذا أن ابن مسعود قرأ غير ما بين اللوحين؟ إنما هو واللَّه ضرب العنق والتوبة.

وقال هارون بن موسى: ذكرت ذلك لأبي عمرو- يعني القراءة عن عائشة رضي اللَّه عنها- فقال: سمعت هذا قبل أن تولد ولكنا لا نأخذ به. وقال محمد ابن صالح: سمعت رجلا يقول لأبي عمرو: وكيف تقرأ: لا يُعَذِّبُ عَذابَهُ أَحَدٌ* وَلا يُوثِقُ وَثاقَهُ أَحَدٌ [ (٤) ] ؟ قال: لا يُعَذِّبُ عَذابَهُ أَحَدٌ [ (٤) ] ، فقال له الرجل: كيف وقد جاء عن النبي صلّى اللَّه عليه وسلم: لا يُعَذِّبُ عَذابَهُ أَحَدٌ [ (٤) ] ؟ فقال


[ (١) ] يعني مصحف عثمان رضي اللَّه تعالى عنه.
[ (٢) ] زيادة للسياق والبيان.
[ (٣) ] النور: ١٥.
[ (٤) ] الفجر: ٢٥- ٢٦.