للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أخي عبد الملك الفقيه، وكان ضيق الصدر كثير التبرم، وكان قد شهد عليه بشهادات منها أنه قال استقلاله من مرض: لقيت في مرضي هذا ما لو قتلت أبا بكر وعمر لم أستوجب هذا كله، فأفتى إبراهيم بن حسين بن خالد بقتله وإن ضمّن قوله تجوير للَّه تعالى وتظلم منه والتعريض فيه كالتصريح.

وأفتى أخوه عبد الملك بن حبيب وإبراهيم بن حسين بن عاصم وسعيد بن سليمان القاضي بطرح القتل عنه إلا أن القاضي رأى عليه التثقيل في الحبس والشدة في الأدب لاحتمال كلامه وصرفه إلي التشكي، فوجه من قال في ساب اللَّه بالاستتابة أنه كفر وردة محضة، لم يتعلق بها حق لغير اللَّه فأشبه قصد الكفر بغير سب اللَّه، وإظهار الانتقال إلى دين آخر من الأديان المخالفة للإسلام.

ووجه ترك استتباته أنه لما ظهر منه ذلك بعد إظهار الإسلام قبل اتهمناه وظننا أن لسانه لم ينطق به إلا وهو معتقد له إذ لا يتساهل في هذا أحد فحكم له بحكم الزنديق ولم تقبل توبته، وإذا انتقل من دين إلي دين آخر وأظهر السب بمعنى الارتداد فهذا قد أعلم أنه خلع ربقة الإسلام من عنقه بخلاف الأول المستمسك به، وحكم هذا حكم المرتد يستتاب علي مشهور مذاهب أكثر العلماء، وهو مذهب مالك وأصحابه، على ما بيناه قبل وذكرنا الخلاف في فصوله.

وأما من أضاف إلي اللَّه تعالى ما لا يليق به ليس علي طريق السب ولا الردة وقصد الكفر ولكن على طريق التأويل والاجتهاد والخطأ المفضي إلى الهوى ولبدعة من تشبيه أو نعت بجارحة أو نفي صفة كمال فهذا مما اختلف السلف والخلف في تكفير قائله ومعتقده.

واختلف قول مالك وأصحابه في ذلك ولم يختلفوا في قتالهم إذا تحيزوا فئة وأنهم يستتابون فإن تابوا وإلا قتلوا وإنما اختلفوا في المنفرد منهم فأكثر قول مالك وأصحابه ترك القول بتكفيرهم وترك قتلهم والمبالغة في عقوبتهم وإطالة سجنهم حتى يظر إقلاعهم وتستبين توبتهم كما فعل عمر رضي اللَّه عنه بصبيغ. وهذا قول محمد بن المواز في الخوارج وعبد الملك بن الماجشون وقول سحنون في جميع أهل الأهواء وبه فسر قول مالك في الموطأ وما رواه عن عمر