فقالت له: انزل، فقال لها: أبعدي أصحابك ففعلت، وقد ضرب لها قبة وجحرها لتذكر بطيب الريح الجماع، واجتمع بها فقالت له: ما اوحي إليك ربك؟ فقال ألم تر إلي ربك كيف فعل بالحبلى، أخرج منها نسمة تسعى بين صفاق وحشي. قالت: وماذا أيضا؟ قال: إن اللَّه خلق النساء أفواجا، وجعل الرجال لهن أزواجا، فتولج فيهن قعسا إيلاجا، ثم تخرجها إذا تشاء إخراجا، فينتجن لنا سخالا إنتاجا. قالت: أشهد أنك نبي. قال هل لك أن أتزوجك وآكل بقومي وقومك العرب؟ قالت: نعم. قالت: بذلك أوحي إلي فأقامت عنده ثلاثا ثم انصرف إلي قومها، فقالوا لها: ما عندك؟ قالت: كان علي الحق فتبعته وتزوجته. قالوا: هل أصدقك شيئا؟ قالت: لا. قالوا: فارجعي فاطلبي الصداق، فرجعت. فلما رآها أغلق باب الحصن وقال: ما لك؟ قالت:
أصدقني. قال: من مؤذنك؟ قالت: شبث بن ربعي الرياحي، فدعاه وقال له: ناد في أصحابك أن مسيلمة رسول اللَّه قد وضع عنكم صلاتين مما جاءكم به محمد: صلاة الفجر وصلاة العشاء الآخرة.
فانصرفت ومعها أصحابها، منهم: عطارد بن حاجب وعمرو بن الأهتم وغيلان بن خرشة وشبث بن ربعي، فقال عطارد بن حاجب:
أمست نبيتنا أنثى نطوف بها ... وأصبحت أنبياء الناس ذكرانا
وصالحها مسيلمة على غلات اليمامة سنة تأخذ النصف وتترك عنده من يأخذ النصف، فأخذت النصف وانصرفت إلي الجزيرة وخلقت الهذيل وعقة وزيادا لأخذ النصف الباقي، فلم يفاجئهم إلا دنو خالد إليهم فارفضوا.
فلم تزل سجاح في تغلب حتى نقلهم معاوية عام الجماعة وجاءت معهم وحسن إسلامهم وإسلامها، وانتقلت إلي البصرة وماتت بها وصلي عليها سمرة ابن جندب وهو على البصرة لمعاوية قبل قدوم عبيد اللَّه بن زياد من خراسان وولايته البصرة.
وقيل: إنها لما قتل مسيلمة سارت إلي أخواله تغلب بالجزيرة فماتت عندهم ولم يسمع لها ذكر [ (١) ] .