للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وحدك،

ثم نزل هو وأصحابه فواروه، ثم حدثهم عبد اللَّه بن مسعود حديثه، وما قال له رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم في مسيره إلى تبوك [ (١) ] .

ثم

قال ابن إسحاق [في خبر أبي ذر- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه- في غزوة تبوك] : ثم مضى رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم سائرا، فجعل يتخلف عنه الرجل، فيقولون: يا رسول اللَّه، تخلف فلان، فيقول: دعوه، فإن بك فيه خير فسيلحقه اللَّه- تعالى- بكم، وإن يكن غير ذلك فقد أراحكم اللَّه منه، حتى قيل: يا رسول اللَّه! قد تخلف أبو ذرّ، وأبطأ به بعيره، فقال: إن يك فيه خير فسيلحقه اللَّه بكم، وإن يك غير ذلك فقد أراحكم اللَّه منه.

وتلوم [ (٢) ] أبو ذر على بعيره فلما أبطأ عليه أخذ متاعه فحمله على ظهره، ثم خرج يتبع أثر رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم ماشيا، ونزل رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم في بعض منازله، فنظر ناظر من المسلمين فقال: يا رسول اللَّه، إن هذا الرجل يمشي على الطريق وحده، فقال رسول اللَّه هو واللَّه أبو ذرّ، فقال رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم:

كن [ (٣) ] أبا ذرّ، فلما تأمله القوم قالوا: يا رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم: رحم اللَّه أبا ذرّ، يمشي وحده، ويموت وحده، ويبعث وحده [ (٤) ] .

قال الواقدي في (مغازيه) : وكان أبو ذر- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه- يقول: أبطأت في غزوة تبوك من أجل بعيري كان نضوا أعجف [ (٥) ] ، فقلت: أعلفه أياما، ثم ألحق برسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم، فعلفته أياما، ثم خرجت، فلما كنت في ذي المروة عجز بي فتلومت عليه يوما فلم أر به حركة، فأخذت متاعي فحملته [ (٦) ] على ظهري، ثم خرجت أتبع رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم ماشيا في حرّ شديد، وقد تقطع الناس فلا أرى أحدا يلحقنا من المسلمين، فطلعت على رسول


[ (١) ] (سيرة ابن هشام) : ٥/ ٢٠٥، موت أبي ذرّ ودفنه بالربذة.
[ (٢) ] تلوّم: أبطأ وتمهّل.
[ (٣) ] كن أبا ذر: لفظه الأمر، ومعناه الدعاء.
[ (٤) ] (سيرة ابن هشام) : ٥/ ٢٠٣- ٢٠٤، خبر أبي ذرّ في غزوة تبوك.
[ (٥) ] النّضو: الدابة التي أهزلتها الأسفار وأذهبت لحمها.
[ (٦) ] في (الأصل) : «فجعلته» ، وما أثبتناه من (المغازي) .