للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حريرة سوداء فيها صورة بيضاء، فإذا رجل أبيض الرأس واللحية، كأنه يبتسم، قال: أتعرفون هذا؟ قلنا: لا، قال: هذا إبراهيم، ثم أعاده وفتح بابا آخر فاستخرج حريرة سوداء فيها صورة بيضاء، وإذا واللَّه رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلّم فقال:

أتعرفون هذا؟ قلنا: نعم، محمد رسول اللَّه، وبكينا، واللَّه يعلم أنه قام قائما ثم جلس وقال: واللَّه إنه لهو؟ قلنا: نعم، إنه لهو كأننا ننظر إليه، فأمسك ساعة ينظر إليها ثم قال: أما إنه كان آخر الأبواب ولكني عجلته لأنظر ما عندكم، ثم أعاده وفتح بابا آخر، واستخرج خرقة حرير سوداء فيها صورة بيضاء، فإذا رجل مقلص الشفتين غائر العينين، متراكم الأسنان كث اللحية عابس، فقال: أتعرفون هذا؟ قلنا: لا، قال: هذا موسى، وإذا جنبه رجل يشبهه غير أن في عينيه قيلا وفي رأسه استدارة، فقال: هذا هارون، ثم رفعهما، وفتح بابا آخر واستخرج منه خرقة سوداء فيها صورة حمراء أو بيضاء، فإذا رجل أحمر أحمش الساقين أخفش العينين، ضخم البطن مقلد سيفا، فقال: أتعرفون هذا؟ قلنا: لا، قال: هذا داود، ثم أعاده وفتح بابا آخر واستخرج منه حريرة سوداء، وإذا فيها صورة بيضاء، وإذا رجل راكب على فرس، طويل الرجلين قصير الظهر، كل شيء منه جناح تحفه الريح، قال: أتعرفون هذا؟ قلنا: لا، قال: هذا سليمان، ثم أعاده ففتح بابا آخر فاستخرج منه حريرة أو خرقة سوداء، فيها صورة بيضاء، فإذا صورة شاب تعلوه صفرة، صلت الجبين حسن اللحية، يشبهه كل شيء منه، قال:

أتعرفون هذا؟ قلنا: لا، قال: هذا عيسى ابن مريم، ثم أعاده وأمر بالربعة فرفعت، فقلنا: هذه صورة نبينا قد عرفناها، فإنا قد رأيناه، فهذه الصورة التي لم نرها كيف نعرفها أنى هي؟ قال: إن آدم عليه السلام سأل ربه أن يريه صورة نبي نبي، فأخرج إليه صورهم في خرق الحرير من الجنة، فأصابها ذو القرنين في خزانة آدم في مغرب الشمس، فلما كان دانيال، صورها هذه الصّور، فهي بأعيانها، فو اللَّه لو تطيب نفسي في الخروج عن ملكي ما باليت أن أكون عبدا لأشدّكم ملكة، ولكن عسى أن تطيب نفسي، قال: فأحسن جائزتنا وأخرجنا [ (١) ] .


[ (١) ] وفي المرجع السابق: «فأحسن جائزتنا وسرحنا، فلما أتينا أبا بكر الصديق فحدثناه بما رأيناه وما قال لنا وما أجازنا، قال: فبكى أبو بكر وقال: مسكين، لو أراد اللَّه به خيرا لفعل ثم قال: أخبرنا رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلّم أنهم واليهود يجدون نعت محمد صلى اللَّه عليه وسلّم عندهم» ص ٣٩٠.