ثم فتح بابا آخر، فاستخرج منه حريرة بيضاء، فإذا فيها صورة كصورة آدم، كأن وجهه الشمس، فقال: تعرفون هذا؟ قلنا: لا، قال: هذا يوسف عليه السلام. ثم فتح بابا آخر، فاستخرج منه حريرة بيضاء، فإذا فيها صورة رجل ضخم الأليتين، طويل الرجلين، راكب فرسا، فقال، هل تعرفون هذا؟ قلنا: لا، قال: هذا سليمان بن داود عليهما السلام. ثم فتح بابا آخر، فاستخرج منه حريرة سوداء، فيها صورة بيضاء، وإذا شاب شديد سواد اللحية، كثير الشعر، حسن العينين، حسن الوجه، فقال: هل تعرفون هذا؟ قلنا: لا، قال: هذا عيسى ابن مريم عليه السلام. قلنا: من أين لك هذه الصور، لأنا نعلم أنها على ما صوّرت عليه الأنبياء عليهم السلام، لأنا رأينا صورة نبينا عليه السلام مثله؟ فقال: إن آدم عليه السلام، سأل ربه أن يريه الأنبياء من ولده، فأنزل عليه صورهم، فكانت في خزانة آدم عليه السلام عند مغرب الشمس، فاستخرجها ذو القرنين من مغرب الشمس، فدفعها إلى دانيال. ثم قال: أما واللَّه إن نفسي طابت بالخروج من ملكي، وإني كنت عبدا لا [يترك] ملكه حتى أموت، ثم أجازنا فأحسن جائزتنا وسرّحنا. فلما أتينا أبا بكر الصديق رضي اللَّه تعالى عنه، فحدثناه بما أرانا وبما قال لنا، وبما أجازنا، قال: فبكى أبو بكر وقال: مسكين! لو أراد اللَّه به خيرا لفعل، ثم قال: أخبرنا رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلّم، أنهم واليهود يجدون نعت محمد صلى اللَّه عليه وسلّم عندهم. (تفسير ابن كثير) : ٢/ ٢٦٢- ٢٦٣، تفسير الآية (١٥٧) من سورة الأعراف. وهكذا أورده أيضا الحافظ الكبير أبو بكر البيهقي في (دلائل النبوة) : ١/ ٣٨٥- ٣٩٠، باب ما وجد من صورة نبينا محمد صلى اللَّه عليه وسلّم مقرونة بصورة الأنبياء قبله بالشام، عن الحاكم إجازة، فذكره، وإسناده لا بأس به. وذكر أبو نعيم في (الدلائل) : ١/ ٥٠- ٥٦، بنحوه وقال في آخره: قال الشيخ رضي اللَّه عنه: ففي هذه القصة علم أهل الكتابين بصفة نبينا صلى اللَّه عليه وسلّم، وباسمه، وبعثته. وانتفاض الغرفة حين أهلّوا بلا إله إلا اللَّه، وما يوجد من المعجزات بعد موت الأنبياء، كما يوجد أمثالها قبل بعثتهم، إعلاما وإيذانا بقرب مبعثهم ومجيئهم. (المرجع السابق) .