للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والمعنى في هذا، أن المتعارف بين العقلاء: أن الإقسام لا يقع إلا على المعظمين والمبجلين، فتبين بهذا جلالة الرسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلّم وتعظيم أمره وما شرع اللَّه تعالى على لسانه من الشرائع، وتنبيهه عباده على وحدانيته، ودعائه إلى الإيمان به، وعرفت جلالة نبوته ورسالته بالقسم الواقع على حياته، إذ هو أعز البرية وأكرم الخليقة صلى اللَّه عليه وسلّم.

وعن ابن عباس في قوله تعالى: يس* وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ [ (١) ] قال: هو قسم وهو من أسماء اللَّه. وعن كعب يس* [ (١) ] قسم أقسم اللَّه به قبل أن يخلق السموات والأرض بألفي عام يا محمد إنك لمن المرسلين، ثم قال: وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ* إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ [ (٢) ] ، قال القاضي عياض: ومؤكد فيه القسم عطف القسم الآخر عليه، وإن كان بمعنى النداء، فقد جاء قسم آخر بعده لتحقيق رسالته والشهادة بهدايته، أقسم اللَّه تعالى باسمه، وكني به أنه من المرسلين بوحيه إلى عباده، وعلى صراط مستقيم من إيمانه، أي طريق لا اعوجاج فيه ولا عدول عن الحق.

وقال النقاش: لم يقسم اللَّه تعالى لأحد من أنبيائه بالرسالة في كتابه إلا له صلى اللَّه عليه وسلّم [ (٣) ] .

***


[ (١) ] يس: ١- ٢.
[ (٢) ] يس: ٢، ٣.
[ (٣) ] (الشفا بتعريف حقوق المصطفى) : ١/ ٢٦.