للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

من ذلك، ولا يحسن في حقه، فيصير ذكر التشبيه لغوا لا فائدة فيه وهذا غير جائز.

الثالث: أن قوله: كما صليت على آل إبراهيم صفة لمصدر محذوف تقديره:

صلاة مثل صلاتك على آل إبراهيم، وهذا الكلام حقيقته أن تكون الصلاة مماثلة في الصلاة المشبهة بها، فلا تعدل عن حقيقة الكلام ووجهه.

وقالت طائفة: إن هذا التشبيه حاصل بالنسبة إلى كل صلاة من صلوات المصلين، فكل مصل صلى على رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلّم بهذه الصلاة فقد طلب من اللَّه تعالى أن يصلي على رسوله صلاة مثل الصلاة الحاصلة لآل إبراهيم، ولا ريب أنه إذا حصل من كل من طلب من اللَّه مثل صلاته على آل إبراهيم حصل له من ذلك أضعافا مضاعفة من الصلاة لا تعدّ ولا تحصى، ولم يقاربه فيها صلى اللَّه عليه وسلّم أحد، فضلا عن أن يساويه أو يفضله صلى اللَّه عليه وسلّم.

ونظير هذا: أن يعطى ملك لرجل ألف درهم فيسأله كل واحد منهم أن يعطيه ألفا، فيحصل له من الألوف بعدد كل واحد منهم، وأورد على هذا أن التشبيه حاصل بالنسبة إلى أصل هذه الصلاة المطلوبة وكل فرد من أفرادها، فالإشكال وارد كما هو، وتقديره أن العطية التي [يعطاها] الفاضل لا بد أن تكون أفضل من العطية التي يعطاها المفضول، فإذا سئل عطية دون ما يستحقه لم يكن لائقا بمنصبه.

وأجيب بأن هذا الإشكال إنما يرد إذا لم يكن الأمر للتكرار، فأما إذا كان الأمر للتكرار فالمطلوب من الأمة أن يسألوا اللَّه سبحانه وتعالى له صلاة بعد صلاة، كل صلاة منها نظير ما حصل لإبراهيم، فيحصل لرسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلّم من الصلوات ما لا يحصى مقداره بالنسبة إلى الصلاة الحاصلة لإبراهيم عليه السلام.

وردّ هذا الجواب بأن التشبيه إنما هو واقع في صلاة اللَّه سبحانه وتعالى عليه، لا في صلاة المصلى عليه، ومعنى هذا الدعاء: اللَّهمّ أعطه نظير ما أعطيت إبراهيم، فالمسئول له صلى اللَّه عليه وسلّم صلاة مساوية للصلاة على إبراهيم عليه السلام، وكلما تكرر هذا السؤال كان هذا معناه، فيكون كل مصل قد سأل اللَّه سبحانه وتعالى أن يصلي عليه صلاة دون التي يستحقها، وهذا السؤال والأمر به متكرر، فهل هذا إلا تقوية